« قال رضي الله عنه » : [ وانصرف عبد الله بن بديل الخزاعي إلى علي عليهالسلام وأخبره بخبره ] وشكا الناس إلى علي عليهالسلام العطش ، فقال علي عليهالسلام : ان سفك الدماء عظيم قبل ان يحتج عليهم مرة بعد اخرى ، وبعث بجماعة من الانصاريين وغيرهم إلى معاوية ليحتجوا عليه فأتوه وكلموه وبالغوا في ذلك وقالوا : يا معاوية جدبه تفضلا قبل أن نأخذه قهراً. فقال : غداً يأتيكم رسولي بما يبدو لى ، فاصبح القوم في عطش شديد ، فأتوا علياً عليهالسلام واخبروه بذلك ، فارسل إلى معاوية عشرة من أصحابه ليكلموه في الماء ، فقال معاوية لقومه : ما تقولون في هذا؟ فأول من تكلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط وقال لمعاوية : اقتلهم عطشا ولا ترحمهم كما لم يرحموا عثمان ، وكذلك أبو الأعور قال ذلك ، وحبيب بن مسلمة وبسر بن أرطاة وقال سليل الشاعر :
اسمع اليوم ما يقول سليل |
|
ان قولي قول له تأويل |
امنع الماء من صحاب علي |
|
لا يذوقوه والذليل ذليل (١) |
وقال عمرو بن العاص : ويحكم أترون علياً يموت عطشا ومعه أطراف الأسنة وافاعي العراق وعامة المهاجرين والانصار ، والله ليطيرن قحاف (٢) الرؤوس عن جماجمها قبل ذلك فخل بين القوم وبين الماء ، وارض بالموادعة أيها الرجل إلى انسلاخ المحرم ولا تعجل إلى الشر فإن مستطعمه وخيم غير لذيذ ، فأبى وقال : هذا أول الظفر ، فلا سقى الله أبا سفيان بن حرب من حوض النبي صلىاللهعليهوآله ان يشربوا منه قطرة إلا أن يغلبوني عليه ، فقام إلى معاوية رجل من أهل الشام من رؤساء الازد يقال له فياض بن الحارث بن عمرو بن قرة الأزدي وقال : يا معاوية والله ما انصفت القوم ولو كان هؤلاء من الروم أو الترك وطلبوك الماء ، لوجب أن تسقيهم ثم تحاربهم ،
__________________
(١) وقعة صفين / ١٦٢.
(٢) قحاف : جمع قحف وقد مضى معناه قريباً.