فأتيت به ، والصواب : فأتيت بابه يا شيخ بعلبك ، والصواب : نعليك.
وبعد ، فإن خطانا الآن قد ثبتت ، وأقدامنا قد ترسخت ، وتآلفنا مع المشاكل ، وتحاببنا مع العقبات ، وأحببنا الكتاب فتعلقنا به إلى حدود العشق. فلم يعد بإمكاننا أن نبتعد عنه. فإننا نمضي معا يوميا ما لا يقل عن أربع عشرة ساعة نتسامر ونتهامس نسهر نحن والقمر ، ونرقب سويا انبلاج الفجر. يحكي لي همومه ومشاكله ومصاعبه وتلاعب أيدي الزمن به ، وتعبه من أخطاء النساخ وسهوهم وأهوائهم وميولهم ، استأنس لي ، واستأنست به ، مسكين هذا التاريخ ، إني أبذل قصارى جهدي لمساعدته ، ولست متعبا ؛ بالعكس فإني أجد لذة بالتعامل معه.
لقد بذلنا جهدا صادقا ، نرجو أن يكون مفيدا. فكتاب كتاريخ مدينة دمشق ، هذه الثروة الواسعة تتضاءل دونه الجهود ، وتصغر دونه الهمم ـ وقد صغرت ـ كتاب واسع وغزير المادة ، شامل ، كثير الاستدراك والاستطراد في الرواية.
هذا كله لن يثنيني ، فإني استمد العزيمة من رحم المشاكل والمصاعب ، وأحتفظ بالتصميم على متابعة بذل الجهد المعتصم بالصبر ، والمثابرة ، والأمل.
دعوة ورجاء :
مهما بلغت الجهود وتكثّفت ، ومهما استقام العمل ، ومهما كان التصدي عميقا ، وهذا كله كان دأبنا وهاجسنا ، ومع ذلك فإن الحمل ثقيل ، وقد ناء بحمله الكبار الكبار ، وفيما قدمناه كنا صادقين ، ولكنّ ما صادفنا كان هائلا وما استعسر علينا كثير ، وهذا التاريخ الثروة جدير بتمام الرعاية وشمولية الاهتمام ، لذلك ندعو ـ بل نرجو ـ من الباحثين والدارسين في شتّى حقول الثقافة أن يتفضلوا مشكورين بإبداء ملاحظاتهم ، وإصلاح ما يرد من خلل أو خطأ ، وإلى إعطائنا النصح والمشورة لتدارك ما وقعنا به من تقصير أو خطأ لاستدراكه ، وكم نحن بحاجة إلى نصح مثل هؤلاء العاملين في خدمة تراثنا ، والمساهمين في إحياء أمّهات كتب التراث والتي لا زالت مخزونة في مكتبات العالم كله والتي تتناول مختلف فروع المعرفة والثقافة ، ومختلف الفنون والعلوم.
ومنها ـ بل من أهمها ـ كتاب تاريخ دمشق ، حيث نقوم باستكمال تحضيره لتقديمه ووضعه بين أيدي القراء الكرام في مختلف الأقطار العربية والإسلامية.
ونحن في سباق مع الوقت ، واختصار الزمن ، ونأمل أن يتتابع ظهور الكتاب حيث