المنجد في مقدمته للمجلدة الأولى ، والدكتور شكري فيصل في مقدمته للجزء ـ عاصم ـ عائذ.
واستكملنا إعداد العدة حيث وفّرنا القسم الكبير من المصادر التي نحتاج إليها ، وليس هذا بالأمر البسيط فالكتاب يمتد في الزمان في قرون ما قبل التاريخ إلى أيام مؤلفه ، إلى أواسط القرن السادس الهجري.
وتتشعب مواضيعه وتتفرع لتشمل فروعا كثيرة ومتنوعة في عالم المعرفة من دين وشريعة وثقافة وفكر وأدب وشعر وغير ذلك.
وانطلقنا بالمشروع ننتقل به من مرحلة التخطيط والإعداد ـ بعد توفير كل متطلباته ـ إلى مرحلة التنفيذ والعمل ، وكنا ندرك أهمية العمل الذي نقدم عليه وخطورته ، وندرك المصاعب والعقبات التي تواجهنا لسعة الكتاب وغزارة مادته من جهة ومن جهة أخرى لم يستطع الحافظ أن ينقح كتابه وينظر فيه ، وكان ينقل بعض الأخبار ويدع العهدة على من نقلها عنه ، وقد عبّر الحافظ أبو القاسم بن عساكر بوضوح عن قلقه فيما يكون قد علق في مؤلّفه من شوائب يقول (١) : «هذا مبلغ علمي وغاية جهدي على ما وقع إليّ أو ثبت عندي ، فمن وقف فيه على تقصير أو خلل ، أو عثر فيه على تغيير أو زلل ، فليعذر أخاه في ذلك متطوّلا ، وليصلح منه ما يحتاج إلى إصلاح متفضلا ، فالتقصير من أوصاف البشرية ، وليست الإحاطة بالعلم إلّا لبارئ البريّة ، فهو الذي وسع كل شيء علما ، وأحصى مخلوقاته عينا واسما ، ومع ذلك فمن ذكرت أقلّ ممن أهملت ، وما أصبت في ذكره أكثر مما أغفلت».
ولم نفاجأ بالمتاعب ، وكنا قد عقدنا العزم ، واتكلنا على الله وبدأ مشوارنا مع تاريخ مدينة دمشق ، وهو كما يقول الذهبي في سير الأعلام (٢) : في ثمان مائة جزء ، قلت : والجزء عشرون ورقة ، فيكون ستة عشر ألف ورقة».
ومع بداية العمل وانطلاقته ، كنا كلما نتجاوز عقبة تظهر عقبات ، وكلما نحلّ مشكلة تبرز مشكلات ، فصدمنا لضخامة الثغرات والأخطاء وتبين لنا كم هي الأصول التي بين أيدينا سقيمة ، وأنها لا تصلح علميا للتحقيق ، وهذا ما زاد علينا العبء ، وأثقل
__________________
(١) تاريخ ابن عساكر ، الجزء الأول ـ المقدمة.
(٢) سير الأعلام : ٢٠ / ٥٦.