وقدّر د. المنجد (١) أن الحافظ سلخ في تأليف تاريخه ثلاثين سنة أو أقل قليلا.
ويقول ياقوت الحموي (٢) : وجمع وصنّف ، فمن ذلك : كتاب تاريخ مدينة دمشق وأخبارها وأخبار من حلّها أوردها في خمسمائة وسبعين جزءا من تجزئة الأصل ، والنسخة الجديدة ثمانمائة جزء.
ويقول الذهبي (٣) : وصنّف وجمع فأحسن فمن ذلك تاريخه في ثمان مائة جزء ، قلت : الجزء عشرون ورقة ، فيكون ستة عشر ألف ورقة.
وفي تقديمه د. شكري فيصل (٤) تاريخ مدينة دمشق مظهرا مكانته بين كتب التراث بعامة ومكانته من كتب التاريخ بخاصة ، ومكانته من التاريخ لبلاد الشام بوجه أخص يقول :
إنه يؤرخ لجوانب من الجاهلية من حيث يترجم لرجال من الجاهليين والمخضرمين ، عرفوا دمشق وأعمالها ، أو حلّوا بها أو اجتازوا بنواحيها من وارديها وأهلها ، كما يقول في عنوان كتابه.
ثم هو يؤرّخ للسيرة النبوية بجوانبها وللذي اتّصل بها ونتج عنها وما كان فيها من أحداث ، وذلك حين يبدأ كتابه بسيرة النبي صلىاللهعليهوسلم ويخصّص لذلك نصف المجلدة الثانية ، ثم هو يترجم للخلفاء الراشدين رضياللهعنهم ، ولمن كان حولهم ومعهم تراجم طويلة مستوفاة فتأتي هذه التراجم وكأنها تاريخ للعصر كله بالكثير من دقائقه التي لا نجد بعض مادتها عند غيره ، والتي لا تمتد في بلاد الشام وحدها بل في أقطار الإسلام كلها حيث انتشر هؤلاء العرب في العصر الأموي ، من أقطار الدنيا هداة أو دعاة ، قوادا أو علماء.
ومن الطبيعي أن يكون كتاب ابن عساكر أغنى المصادر عن تاريخ الأمويين. ولكن تاريخ الأمويين ليس تاريخهم هم فحسب وإنما هو تاريخ العرب والمسلمين في الفترة التي كانت فيها دمشق عاصمة الحياة العربية.
وما أكثر ما تواشجت الصلاة في القرن الأول في مقر الخلافة. وهل كانت الجماعات العربية ، بكبار رجالاتها أو أرهاط قبائلها ، في غنى عن زيارة الشام والوفود
__________________
(١) تاريخ دمشق المجلد الأول ، المقدمة ص ٣٣.
(٢) معجم الأدباء : ١٣ / ٧٦.
(٣) سير الأعلام : ٢٠ / ٥٥٨.
(٤) تاريخ دمشق ، المطبوعة عاصم ـ عائذ ، المقدمة ص ٧ ـ ٨.