قال الطبري أيضا في تاريخه : في ذكر فتح العراق ، فكتب أبو بكر الى خالد وهو بالحيرة أن يمد أهل الشام بمن معه من أهل القوة ويخرج فيهم ، ويستخلف على ضعفة الناس رجلا منهم فلما أتى خالد كتاب أبي بكر بذلك قال : هكذا عمل الاعيسر أبن أم شملة ، يعني عمر بن الخطاب ، حسدني أن يكون فتح العراق على يدي فسار خالد بأهل القوة من الناس ورد الضعفاء والنساء الى المدينة ، مدينة رسول الله (ص) وأمر عليهم عمير بن سعد الأنضاري (١).
وقال الطبري في تاريخه في حوادث سنة ثلاث عشر من الهجرة في خبر اليرموك : كتب الي السري عن شعيب عن سيف عن أبي عثمان البناني عن أبيه قال : قال عكرمة بن أبي جميل يوم إذ قاتلت رسول الله (ص) في كل موطن ، وأفر منكم اليوم ، ثم نادى من يبايع على الموت فبايعه الحارث بن هشام ، وضرار بن الأزود في أربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم ، فقاتلوا قدام فسطاط خالد حتى أثبتوا جراحا وقتلوا إلا من برأ منهم ضرار بن الأزود ، وقال وأتى خالد بعدما أصبحوا بعكرمة جريحا ، فوضع رأسه على فخذه وبعمرو بن عكرمة فوضع رأسه على ساقه وجعل يمسح عن وجوههما ويقطر في حلوقهما الماء ويقول : كلا زعم أبن الحنتمة لا نستشهد (٢).
وقال سبط أبن الجوزي في مرآة الزمان : لم يزل عمر ساخطا على خالد مدة خلافته أبي بكر لكلام كان يبلغه عنه من الأستخفاف به ، واطراح جانبه ، وما كان يسميه إلا بأسم أمه وبالاعسير ، وكان أكبر ذنوبه ـ خالد ـ عنده قتل مالك بن نويرة بعد أسلامه وأخذه لأمرأته ، ودخوله المسجد وعلى رأسه السهام فيها دم ، وكان يحث أبا بكر على عزله ، ويحرضه على قتله بسبب قتله لمالك ، وكان أبو بكر يتوقف فلما مات أبو بكر ، وولي عمر قال : والله لايلي لي خالد عملا أبدا.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٤ : ٤٤.
(٢) تاريخ الطبري ٤ : ٣٦