الجملات الفضيعة ، والكلمات الشنيعة ، من البين كما لا يخفى على من طابق بين الكتابين ، ويكفي في ظهور بطلان هذا الأفك المبين للناظرين المستبصرين ، إن عون بن جعفر استشهد في حرب تستر ، وذلك في عهد عمر ولم يكن باقيا بعد عمر ، فكيف يمكن تزويجه بأم كلثوم (س) بعد موت عمر ، إن هذا الأختلاف ممن لا يخاف من ربه يوم التلاق.
ومن العجائب التي تشهد بظهور الحق ، وسفور الصدق ، وبطلان الباطل وهون العاطل ، إن ابن حجر بنفسه ذكر في كتابه هذا أعني الأصابة في ترجمة عون بن جعفر إنه استشهد في تستر في خلافة عمر وهذه الفاظه : عون بن عجفر بن أبي طالب الهاشمي إبن عم النبي (ص) ولد بأرض الحبشة وقدم به ابوه في غزوة خيبر ، وأخرج النسائي وغيره من طريق محمد بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد ، عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب قال : لما قتل جعفر بن أبي طالب قال رسول الله (ص) ادعوا الى بني أخي فجئ بنا كأنا أفراخ فقال : أدعو الى الحلاق فأمره فحلق رؤوسنا ثم قال : أما محمد فشبيه عمنا أبو طالب ، وأما عون فشبيه خلقي وخلقي ثم أخذ بيدي فأمالها فقال : اللهم إخلف جعفر في أهله وبارك لعبدالله في صفقة يمينه.
وهذا سند صحيح أورده ابن مندة من هذا الوجه مختصر مقتصرا على قوله : إن النبي (ص) قال لعون : أشبهت خلقي وخلقي ، ولما أورده ابن الأثير في ترجمته قال : هذا إنما قاله النبي (ص) لأبيه جعفر ، فأومأ الي انه وهم وليس كما يظن بل الحديثان صحيحان وكل منهما معدود فيمن كان أشبه بالنبي (ص) ، وأختلف في أي ولد جعفر ، محمد وعون كان أسن فأما عبد الله فكان أسن منهما ، وذكر موسى بن عقبة ، إن عبد الله ولد سنة أثنتين وقيل غير ذلك ، كما سبق في ترجمته ، وقال أبو عمر : استشهد عون بن جعفر في تستر وذلك في خلافة عمر وما له عقب (١).
__________________
(١) الأصابة ٣ : ٤٤.