المقدوح عند كبار الأخبار ، وقد زاد فيه إبن عبد البر أو غيره من أسلافه الكذابين زيادات غريبة في هذا الباب لا يخفى فسادها على أولي الألباب ، قوله : ووضع يده على ساقها ، فأنه كذب بين لا يمترى في فساده أحد من المسلمين ، لأن وضع اليد على الساق يأنف منه كل عاهي ولو كان من الفجار والفساق ، فكيف جوز واضع هذا الأفك البين نسبته الى عمر وهو عنده خليفة المسلمين.
ومن العجائب إن واضع هذا الكذب المهين ، قد نسب الى سيدتنا أم كلثوم (س) إنها مع صغرها شعرت بقبح هذا الفعل الشنيع وأنكرته على عمر فقالت : أتفعل هذا وهددته بكسر أنفه ، ثم خرجت حتى جاءت أباها وأخبرته الخبر وقالت : بعثتني الى شيخ سوء.
ولا يخفى على أولي الأحلام إن واضع هذا الأفك الجالب للملام قد فضح أمامه بين الأنام بأفترائه عليه ، ووصمه بهذا الأجرام الموبق عند الخواص والعوام الذى لا تجترئ عليه الغاغه (١) المحتقبون لشنائع الاثام.
ومن آيات علو الحق على الباطل ، إن بعض الأعلام من علماء أهل السنة قد أعترف بفساد هذا الأفك البين ، قال العلامة سبط أبن الجوزي في كتابه ـ تذكرة خواص الأمة ـ في ذكر سيدتنا أم كلثوم (س) ما لفظه : وذكر جدي في كتابه ـ المنتظم ـ : إن عليا بعثها الى عمر لينظرها وإن عمر كشف ساقها ولمسها بيده.
قلت : وهذا قبيح والله لو كانت أمة لما فعل بها هذا ، ثم بأجماع المسلمين لا يجوز لمس الأجنبية فكيف ينسب عمر الى هذا ، أنتهى (٢).
ولقد حق بعد مطالعة هذا الكلام المظهر للكذب الصراح والبهت البواح ، أن يقال : أطف المصباح فقد طلع الصباح ، أما ما ذكره إبن عبد البر بقوله : حدثنا عبد الوارث ..
الى آخره فواضح البطلان ، وظاهر الهوان ، لأن هذا الخبر
__________________
(١) الغاغة : الكثير المختلط من الناس.
(٢) تذكرة خواص الأمة : ٣٢١.