فان قلت : لعل وجه هذا التعجيل في العقد ووقوعه في الخلوة من غير حضور الأشهاد أن عمر خاف بعد خطبته وأجباره والجائه عليا (ع) على قوله أن يتغيير رأيه بعد هذا الوقت فلا يزوج ابنته لأبن الخطاب ، فلهذا سارع في وقوع العقد كيف ماكان.
قلت : هب إن الأمر كان كذلك ولكن لم ترك تجديد العقد يوم الجمعة بحضور من الناس ، وهب انه كره تجديد العقد بمحضر المسلمين يوم الجمعة ، لكنه لم ترك أخبار الناس الحاضرين يوم الجمعة بوقوع هذا العقد.
ولم ترك الترفيه عنهم وخفى بذلك نفرا من المهاجرين الذين كانو يجلسون بين القبر والمنبر على وجه بديع يؤذن بوقوع هذا العقد على وجه السر والكتمان وجهلهم عن وقوعه على سبيل الشهرة والاعلان ، ولقد اشتمل هذا الخبر المكذوب على أمر عجيب وهو قول عمر لأصحاب رسول الله (ص) رفئوني وانهم رفئوه ، فإن هذا كان من رسوم الجاهلية ، وقد نهى عنه رسول الله (ص) فكيف اجترى هذا الرجل على طلب الترفيه عنها ، وكيف أقدم أصحاب الرسول على هذه الخطبة الشنيعة.
قال محمد بن احمد بن حنبل الشيباني في المسند : حدثنا الحكم بن نافع ، حدثنا اسماعيل بن عياس ، عن سالم بن عبد الله بن محمد بن عقيل قال : تزوج عقيل بن أبي طالب فخرج علينا فقلنا بالرفاء والبنين فقال : مه لا تقولوا ذلك فان النبي (ص) قد نهانا عن ذلك وقال : قولوا ، بارك الله فيك ، وبارك لك فيها (١).
وقال أيضا : حدثنا اسماعيل وهو ابن عليه أنبأنا يونس عن الحسن أن عقيل بن أبي طالب (رض) تزوج أمرأة من بني جشم فدخل عليه القوم فقالوا : بالرفاء والبنين فقال : لا تفعلوا ذلك ، قالوا : فما نقول؟ يا أبا زبيدة وقال : قولوا
__________________
(١) مسند احمد : ٢٠١