لسانه رجلا من المهاجرين ، ثم إن عمر (رض) رفع رأسه إليه فقال : ما عندك يا سلح الحباري ، فقيل إن المغيرة قام الى زياد فقال : لا مخبأ لعطر بعد عروس ـ قلت : وهذا مثل للعرب لا حاجة الى الكلام عليه (١) فقد طالت هذه الترجمة كثيرا ـ قال الرواي : فقال له المغيرة : يا زياد ، أذكر الله تعالى واذكر موقف يوم القيامة ، فان الله تعالى وكتابه ورسوله وامير المؤمنين قد حقنوا دمي ، إلا ان تتجاوز الى ما لم تر مما رأيت ، فلا يحملنك سوء منظر رأيته على أن تتجاوز الى ما لم تر ، فوالله لو كنت بين بطني وبطنها ما رأيت أن يسلك ذكري فيها ، قال : فدمعت عينا زياد وأحمر وجهه وقال : يا أمير المؤمنين ، أما أن أحق ماحق القوم فليس عندي ، ولكن رأيت مجلسا وسمعت نفسا حثيثا وانتهازا ورأيته مستبطنها ، فقال عمر (رض) : رأيته يدخل كالميل في المكحلة فقال : لا.
وقيل قال زياد : رأيته رافعا رجليها فرأيت خصييه تتردد الى بين فخذيها ، ورأيت حفزا شديدا وسمعت نفسا عالية فقال عمر (رض) رأيت يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة؟ فقال لا ، فقال عمر (رض) : الله أكبر قم إليهم فاضربهم ، فقام الى أبي بكرة فضربه ثمانين وضرب الباقين ، وأعجبه قول زياد ، ودر الحد عن المغيرة.
فقال أبو بكرة بعد ان ضرب : أشهد أن المغيرة فعل كذا وكذا ، فهم عمر (رض) أن يضربه حدا ثانيا ، فقال له علي بن أبي طالب (رض) : ان ضربته فارجم صاحبك ، فتركه ، واستتاب عمر أبا بكرة فقال : إنما تستثيبني لتقبل شهادتي فقال : أجل فقال : لا أشهد بين أثنين ما بقيت في الدنيا ، فلما ضربوا الحد قال المغيرة : الله أكبر ، الحمد لله الذي أخزاكم فقال عمر (رض) : بل أخزى الله مكانا رأوك فيه.
وذكر عمر بن شبة (٢) في كتاب ـ أخبار البصرة إن أبا بكرة لما جلد أمرت
__________________
(١) مجمع الأمثال ٢: ٢١١.
(٢) أبو زيد عمر بن شبة بن عبيدة بن ريطة النميري البصري المتوفى ٢٦٢ شاعر ، راوية ، مؤرخ ، حافظ للحديث من أهل البصرة له تصانيف. ارشاد الأريب ٦ : ٤٨. تهذيب التهذيب ٧ : ٤٦٠. بغية الوعاة : ٣٦١. الأعلام ٥ : ٢٠٦.