الخطاب كان مدمنا للخمر منهمكا في الشراب وأخباره في هذا الباب لاتخفى على أولي الألباب ، فكيف يزعم إن أمير المؤمنين (ع) يزوج ابنته الطاهرة (س) بمثل هذا .. ومن المعلوم إن أهل الأسلام ولو كانوا من الفاغة والعوام والهمج والرعاع والطغام يستنكفون أن يزوجوا بناتهم من الشراب ، ويعدون ذلك مستوجبا لأشد العذاب ، فكيف يقدم على ذلك أمير المؤمنين (ع) إن هذا من مفتريات المولعين بالبهت واللهو والكذاب.
قال الزمخشري ، في كتابه ربيع الأبرار في الباب السادس والسبعين : أنزل الله سبحانه وتعالى في الخمر ثلث آيات أولها قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما أثم كبير ومنافع للناس) ، الآية (١) فكان من المسلمين من شارب وتارك الى الى أن شرب رجل فدخل في الصلاة فهجر فنزل قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنو لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولوا) (٢) فشربها من شربها من المسلمين وتركها من تركها حتى شربها عمر (رض) فأخذ بلحي بعير وشج به رأس عبد الرحمن بن عوف ثم قعد ينوح على قتلى بدر من شعر الأسود بن يعفر (٣) الذي يقول :
كأين بالقليب قليب بدر |
|
من الفتيا والعرب الكرام |
كأين بالقليب قليب بدر |
|
من الشيزي المكلل بالسنام |
أيوعدني أبن كبشة إن سنحى |
|
وكيف حياة أصداء وهام |
أيعجز أن يرد الموت عني |
|
وينشرني أذا بليت عظامي |
ألا من مبلغ الرحمان عني |
|
بأني تارك شهر الصيام |
فقل لله : يمنعني شرابي |
|
وقل لله : يمنعني طعامي |
فبلغ ذلك رسول الله (ص) فخرج مغضبا يجر رداءه فرفع شيئا كان في يده
__________________
(١) سورة البقرة ٢١٩.
(٢) سورة النساء : ٤٣.
(٣) أبو نهشل الأسود بن يعفر الدارمي التميمي .. شاعر جاهلي من سادات تميم من أهل العراق كان فصيحا جواد. الشعر والشعراء : ٧٨. طبقات إبن سلام ٣٢. خزانة الأدب ١ : ١٩٥. الموشح ٨١.