فيه القلم على نفسه متهيبا فلا يستطيع ان يجري مترسلا لتشعب نواحيه ، ورامي
اطرافه ، ومن ناحية ثانية لما احيط بهذا الموضوع من اسلاك شائكة متشابكة الاطراف ،
لا يكاد ينتزع طرف منها حتى يلتقي باطراف اخرى متحصنة بمتارك الزمن القاسي ومخلفات
الاقلام المهوسة التي خلقت وراءها الزمن مظلما بالستائر الكثيفة والسحب الداكنة ، تتصل
بعهدها القديم المظلم.
ولكن .. سيف
الظلم مفلول الحد ، ودولته دائما الى زوال ، وان الحق مكفول لسائر الاجناس .. وفي
الحق نور لاتخبو شعلته مهما احاطوه بحصون كثيفة الجدر ، وسوروه بزبر الحديد ، ومهما
تراكمت عليه الاصداء ، وعبرت عليه الازمان ، ولا بد ان يخترق النور هذه الحجب
ويكشف الظلمات ..
وان السنين
الطوال التي مرت تحمل سيف النقمة مسلولا لم يتسن لها ان تمس ذلك النور ولم تستطع
ان تمد يدها الى القلوب المستنيرة بنور الحق .. وان الايدي العابثة بالحقائق التي
اعقبت رسالة محمد صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن مرجوا لها ان تمتد الى المبادئ
السامية لتفسدها وما كانت الا أيد عابثة في جدها ، هزيلة في احكامها غير مرجوة في
نهايتها ، كما لم تكن رشيدة في بدايتها. وان تلك القلوب التي اغمضها ذل الاستبداد
، وامتهنتها حكومات الاستبعاد لم تمت ولم تدفن ولم تهن ولم تتكل وانما انفردت في
زاوية من الزمن تعمل نشيطة في سبيل هدفها في ظلمات الاستبداد وتحت قوارع النكبات
لا متوانية ولا كسله ...