الذي نالوه من ملوك النصرانية وهذا النعيم الترف الباذخ «اما رأيت ما فعل بنا هؤلاء القوم؟. اكرمونا ومولونا ونصبوا لنا كنايسنا واعلوا فيها ذكرنا فكيف تطيب نفوسنا بدين يستوفي فيه الشريف والوضيع؟»
ومن اليسير ان نعرف ان هذه الارستقراطية هي التي عصبت عيونهم عن الالتجاء الى الواقع المحسوس وتغلبت على عقولهم والانتقال من ارستقراطية الى ديمقراطية تتصل بالروح والعقل لا تقوى عليها النفوس المشغوفة بالملكية والثراء وحب الرياسة.
وعلى الغالب ان فكرة القوة وفكرة الثراء وحب الجاه شعور مرده في بعض الاحيانن الى الغيرة النفسية التي تحصل عادة من المفضول على فاضله المتغلب عليه بالبرهان القطعي والدليل الواضح وقد برز الان واضحا في نفوس النجرانيين ، بيد انه مهما كان لهذه العناصر من مظاهر الجد في النفوس وارادت ان تظهر بالمظهر الحازم في الساعة الحاسمة فانها لا تلبث ان تنهزم مخذولة من قوة الحق. وبحسبنا ان نطالع صورة ثانية يرسمها النجرانبون حينما انصرفوا الى منزلهم من الحرى وخلا بعضهم الى بعض وقد اعتصرت يد الاسي تلك القلوب المشغوفة بذلك البذخ وتلك الاموال التي تغدقها عليهم النصرانية من الشمال ومن الجنوب. وهذا رجل من العارفين يرشد قومه الى الحقيقة فيقول لهم : «قد جاءكم محمد بالفصل من امره وامركم فانظروا اولا بمن يباهلكم؟ أبكافة اتباعه ام باهل المكانة من اصحابه. ام بذوي التخشع .. والصفوة ة دينا وهم القليل منهم عددا؟! فان جاءكم بالكثرة وذوي الشدة فانما جاءكم مباهيا كما يصنع الملوك فالفلج إذا لكم دونه .. وان جاءكم بنفر قليل ذوي تخشع فهؤلاء