محرم ، ذلك لان السفيه هادم ، والحليم بان ، وشتان بين الهدم والبنيان ، فانتهز حارثة الفرصة فارسل في خفية وسر الى النفر من اصحاب رسول الله فاستحضرهم استظهارا بمشهدهم فحضروا ، فلم يستطع الرجلان فض ذلك المجلس ، ولا ارجاءه وذلك لما بيناه من تطلع عامتهما من نصارى نجران الى معرفة ما تضمنته الجامعة من صفة رسول الله (وانبعاث له مع حضور رسل رسول الله) لذلك وتأليب حارثة عليهما فيه وصفوا (كذا) (١) أبو حارثة شيخهم إليه. قال ذلك النجراني فكان الرأي عندهما ان ينقادا لما بذههما من هذا الخطب ولا يظهر ان شماسا منه (منهم) ولا نفورا حذار ان يطرقا الظنة فيه اليهما ، وان يكونا ايضا أول معتبر للجامعة ومستحث (ومستحب) لها لئلا يفتات في شئ من ذلك المقام والمنزلة عليهما ، ثم يستبين ان الصواب في الحال ويستنجد انه بموجبه ، فتقدما لما تقدم انفسهما من ذلك الى الجامعة وهي بين يدي ابي حارثة وحاذاهما حارثة بن اتاك ، وتطاولت اليهما فيه الاعناق ، وحفت رسل رسول الله صلى بهم فامر أبو حارثة بالجامعة ففتح ظرفها واستخرج منها صحيفة آدم الكبرى المستودعة علم ملكوت الله عز وجل جلاله ، وما ذرأ وما برأ في ارضه وسمائه ، وما وصلهما جل جلاله من ذكر عالميه وهي الصحيفة التي ورثها شيت من ابيه عما دعا من الذكر المحفوظ فقرأ القوم ـ السيد والعاقب وحارثة ـ في الصحيفة تطلبا لما تنازعوا فيه من نعت رسول الله وصفته ومن حضرهم من الناس مصبحون (يصبحون) مرتفقون لما يستدرك من ذكر ذلك ، فالفوا في المصباح (المسباح) الثاني من فواصلها بسم الله الرحمن الرحيم أنا
__________________
(١) يريد الميل.