بالآخر لجواز انفكاكهما بعدم المانع في أحدهما فيؤثر المقتضي ووجوده في الآخر وأمّا المقارن كطهارة أحد الإناءين المشتبهين فإنها مقارنة لنجاسة الآخر للعلم الإجمالي بنجاسة أحدهما فلا يحصل الظّنّ في أحد من الجانبين لمعارضته بالجانب الآخر نعم يمكن ذلك لو لم يكن الحالة السابقة في أحدهما معلومة كالإناءين الذين علم مائيّة أحدهما وشكّ في الآخر هل هو بول أو ماء ووقع النجاسة في أحدهما فيستصحب طهارة المعلومة المائيّة ويظن بنجاسة الآخر لعدم كونه معارضا بالمثل وكذا إذا كان بحالة السّابقة في أحدهما موافقا للعلم الإجمالي كما لو علم وجود زيد أو عمرو على سبيل منع الجمع والخلوّ في يوم الأحد وعلم وجود زيد وعدم عمرو يوم السّبت فيستصحب وجود زيد ويحكم بعدم عمرو يوم الأحد ولا يعارضه شيء هذا كلّه بالنسبة إلى حصول الظّنّ ما حجيته وكيفيته من الفعلي والنوعي فهو تابع لمورده على ما عرفت والحق أن الأصل في اللّغات حجة من باب الظنّ لا التّعبّد فيكون الأصل المثبت حجة فيها مضافا إلى أنّ جميع الأصول الجارية في اللّغات أصول مثبتة كأصالة عدم الوضع وعدم القرينة ونحوهما فلو لم يكن حجّة لانسدّ باب إثبات اللّغات هذا ولنقتصر من الكلام في المقام على ما بينا ولنرجع إلى ما كنا فيه فنقول قد ثبت ممّا ذكرنا عدم إثبات التّقارن بأصالة التّأخر لعدم إفادة أصالة عدم التّقدّم الظّنّ لعدم غلبة في البين كما بينا هذا الكلام في تعارض العرف واللّغة وأمّا الكلام الثّاني أعني تعارض عرف المتكلّم والمخاطب ومع عرف البلد أيضا فقيل يحمل على عرف المتكلّم لأنّه موضوع له عنده فلو حمل على عرف المخاطب لكان مجازا وقيل يحمل على عرف المخاطب لأنّه ظاهر عنده والخطاب بما له ظاهر وإرادة غيره إغراء بالجهل وكلاهما باطلان أمّا الأوّل فلعدم كونه مجازا لو حمل على مصطلح المخاطب إذ ليس استعماله فيه استعمالا في غير ما وضع له عند المتكلّم من حيث إنه غير ما وضع له بل هو استعمال فيما وضع له عند المخاطب من حيث إنّه موضوع له فيكون حقيقة وأمّا الثّاني فلأنّا نفرض المخاطب عالما باصطلاح المتكلّم فلا يكون إرادة الموضوع له في عرف المخاطب ظاهرا عند المخاطب ولهذا قيل إن قام قرينة عقليّة على الحمل على أحدهما فهو كما إذا كان المتكلّم جاهلا فعرف المخاطب فحينئذ لا يمكن الحمل على عرف المخاطب كما إذا كان المخاطب جاهلا بعرف المتكلّم مع علم المتكلّم بجهله فإنّه يجب الحمل على العرف المخاطب للزوم الإغراء بالجهل وإلاّ وجب التّوقّف والرجوع إلى الأصول العمليّة فلو قال الإمام وهو مدنيّ الكر ألف وماتا رطل والمخاطب عراقي فمقتضى الأصل طهارة مقدار ذلك من الرطل العراقي وعدم نجاسته بالملاقاة لأصالة الطّهارة وأمّا في مسألة الزّكاة فمقتضى الأصل عدم وجوبه إذا وصل إلى مقدار النّصاب بالرطل العراقي لأصالة البراءة وهكذا وقيل إنّ في صورة عدم القرينة