بين أن يكون المراد من اللّغة ما ذكروه في الكتب المصنفة مثل الصحاح والقاموس وغيرهما من الكتب المؤلفة بعد زمان الشارع فيحمل على اللّغة وبين أن يكون المراد اللّغة السابقة على زمان الشارع فيحمل على العرف أمّا في الأول فلاحترازه عن تعدد النّقل إذ لو حمل على المعنى العرفي وجب التزام نقله منه إلى المعنى اللّغوي لتأخّره ثم إلى المعنى العرفي وأمّا في الثاني فلغلبة اتحاد الشرع والعرف الخامس التّفصيل بين ما لو علم تاريخ الصدور والنّقل فيحمل بمقتضى العلم وما لو جهل تاريخهما معا فيحكم بالمقارنة لأصالة عدم التّقدم في كل من الصدور والنّقل لكونهما حادثين وحينئذ يجب الحمل على المعنى اللّغوي إذا كان النّقل تخصيصيا إذ النّقل يحصل مقارنا للخطاب ويجب في الاستعمال تقدم الوضع وأمّا لو كان تخصصيا فلا يحمل على اللّغوي جزما إذ النّقل لو كان مقارنا للصدور كان الصدور مسبوقا بمجازيته في المعنى العرفي مجازا مشهورا وتقديم الحقيقة على المجاز المشهور محل إشكال وما لو علم تاريخ الصدور فقط فيحمل على المعنى اللّغوي لأصالة تأخّر النّقل وما لو علم تاريخ النّقل فقط فيحمل على العرفي لأصالة تأخّر الصدور وفي الجميع نظر لما عرفت سابقا من أنّ المدار في اللّغات على الظّنّ المطلق الفعلي وهو لا يحصل بأصالة تأخّر النّقل إذ لا يفيد الاستصحاب الظّنّ بنفسه ولا غلبة لتأخّر النّقل حتى يحصل الظّنّ بسببها إذ النّقل في نفسه قليل وفيما ثبت النّقل أيضا ليس الغالب تأخّره والمدار في أمثال ذلك على الغلبة الصنفيّة لا الجنسيّة فلا يرد أنّ الغالب في جنس الحادث هو التّأخّر إذ لا نعلم أنّ المناط هو الحدوث أو غيره والغلبة المعتبرة هي الصنفية وغلبة اتحاد العرف والشرع إنّما هي في الألفاظ الّتي يتحد فيها اللّغة مع العرف وأمّا في ما اختلفا فيه كما هو محل النّزاع فلا نسلمها فإنّ موارده في نفسه قليل لا يوجد فيه إلاّ مثال واحد أو أكثر فادعاء غلبة الاتحاد في مثله غير مسموع وبهذا علم بطلان القول الأول والثاني والرّابع والخامس لأنّ متمسكهم هو أصالة التّأخر وغلبة الاتحاد وقد عرفت بطلانهما مضافا إلى أنّ ما ذكره الرّابع باطل في نفسه فإنّ المراد باللّغة في المقام هو العرف السابق على زمان الشارع كما هو محل النّزاع في ثبوت الحقيقة الشرعيّة وليس الكلام في عرف صاحب الصحاح والقاموس وهو واضح فالحق في المقام أنّ المدار على الظّنّ الشخصي لرجوعه إلى الشّكّ في الموضوع له لا المراد بعد تميز الموضوع له فإن لم يحصل فالتوقف
تنبيه
أشرنا إلى عدم حجية أصالة التّأخر في المقام ولا بأس بتطويل الكلام لتوضيح المراد فنقول إنّ أصالة التّأخّر ليس معناها استصحاب التّأخر إذ ليس التّأخر محرزا في الزّمان السّابق حتى يستصحب بل المعنى القاعدة التي مفادها التّأخر وهي إبقاء الشيء على عدمه السابق إلى زمان تيقن وجوده فهناك شيئان الوجود في الزّمان السابق وهو مشكوك والوجود في الزّمان اللاحق وهو