أصل الدّليل العقلي للحكم الشّرعي حكم عقلي يتوصل به إلى حكم شرعي
إثباتا أو نفيا دون الدّليل الّذي يتوصل به إلى ذلك الحكم العقلي كما توهمه في الخزائن وإلاّ لخرج الحكم العقلي الضّروري عن الأدلة العقليّة ومناط حكم العقل إمّا الحسن والقبح أو التّلازم بين الشّيئين كوجوب المقدمة والكلام هنا في القسم الأوّل فنقول من جملة الأدلة العقليّة أصالة البراءة من التّكليف والمراد بها حكم العقل بقبح العقاب على التّكليف عند عدم قيام الحجّة عليه ولا حاجة في مجراه إلى استصحاب البراءة عن التّكليف واقعا لأنّ عدم استحقاق العقاب ليس مترتبا على العدم الواقع حتى يترتب على استصحابه مع أنّه ليس من الأحكام القابلة للجعل أو الرّفع الشّرعي وإنّما موضوعه عدم الحجّة على التّكليف وهو معلوم فالحكم قطعي لا ظني كما في الاستصحاب ونظيره قاعدة الاشتغال فإنّ الموضوع فيها القطع باشتغال الذّمة واحتمال الفراغ فإنّ العقل يحكم حينئذ بوجوب تحصيل القطع بالفراغ بإتيان المحتملات لا لاستصحاب التّكليف إذ الحكم بوجوب تحصيل اليقين بالفراغ ليس مترتبا على نفس التّكليف حتى يترتب على استصحابه بل هو من أحكام العلم بالتّكليف آنا ما والشّك في الفراغ وهما ثابتان جزما من غير شك فلا معنى للاستصحاب هذا مع أنّه من الأحكام العقليّة الغير القابلة للجعل كما عرفت ومن ذلك علم اختلاف مجاري الأصول الثّلاثة العمليّة أعني الاستصحاب وقاعدة البراءة والاشتغال وأمّا قاعدة التّخيير فمجراها هي مجرى قاعدة الاشتغال مع عدم التّمكن من الاحتياط أو أعم منه لجريانها عند دوران الأمر بين كل المحذورين مطلقا كدوران الأمر بين الوجوب والحرمة وغيره فتأمل ثم إنّه كل ما كان ثبوت التّكليف ملزوما لوجود الدّليل عليه بحيث لو تفحص المجتهد عنه في مظانّه لعثر عليه فإذا فحص ولم يعثر عليه يعلم عدم التّكليف واقعا إن كان الملازمة بين الواقع والدّليل المفروض وإلاّ فظاهر القبح التّكليف بلا بيان ولعل هذا هو المراد مما نقل عن المحقق من جعله عدم وجدان الدّليل على التّكليف دليلا على عدمه وهو أعم من أصالة البراءة لأنّها ناظرة إلى الظّاهر فقط بخلاف قاعدة عدم الدّليل فإنّها فرع الملازمة حسب ما عرفت ثم إنّ أصالة البراءة يعتبر في مجراها الشّك في التّكليف فإنّ الشّك ابتداء إمّا يتعلّق بالتّكليف بأن لا يكون نوع الحكم الشّرعي في المحل معلوما وإمّا يتعلق بالمكلّف به بأن يكون التّكليف معلوما كذلك وكلاهما في الشّبهة الوجوبيّة أو التّحريميّة أو هما فهذه ستة أقسام والثّاني إمّا في المتباينين أو الأقل المرتبط بالأكثر أو المستقل عنه فهذه اثنا عشر قسما والشّبهة في الجميع إمّا موضوعيّة أو حكميّة ومنشأ الثّانية إمّا فقد النّص أو إجماله أو تعارض الأدلة فالأقسام ثمانية وأربعون والحق في الشّك في التّكليف هو البراءة مطلقا موضوعيّة كانت أو حكميّة لقبح العقاب بلا بيان عقلا ونقلا وقيل بالاحتياط دفعا للضرر المحتمل وفيه منع الاحتمال لما بينا مع أنّ الغرض من التّكليف هو بعث المكلف على العمل ولا يحصل مع الجهل لا يقال إنّ الاحتمال يكفي في البعث فلا حاجة إلى العلم لأنّا نقول إن قام الدّليل على