عرفا من مثل هذا
خصوص السّؤال المعين لكن يمكن دفعه بما ذكر في الجواب عن الأوّل من أنّ الغرض منه
التّنبيه على ما ارتكز في الأذهان من قبول قول الثّقة في ذلك والعمل به إذا أفاد
الاطمئنان والله العالم ومنها قوله تعالى في سورة البراءة ومنهم الّذين يؤذون
النّبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة
للذينءامنوا منكم والّذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم مدحه الله تعالى على
تصديقه للمؤمنين وليس التّصديق إلاّ عبارة عن ترتيب آثار المخبر به على الخبر
ويؤيّده الخبر الوارد في حكاية إسماعيل حيث أراد إعطاء الدّنانير لرجل فقال له
الصّادق عليهالسلام أما بلغك أنّه يشرب الخمر قال سمعت النّاس يقولون فقال عليهالسلام إذا شهد عندك المؤمنون فصدقهم واستشهد بهذه الآية فلو لا أنّ المراد ترتيب
الآثار لم يكن للاستشهاد وجه واعترض عليه بأنّ الآية واردة في الجواب عما ذكره
المنافقون من أنّه صلىاللهعليهوآله أذن والمراد به سريع الاعتقاد بشيء فيكون المدح على أنّه صلىاللهعليهوآله حسن الظّن بالمؤمنين فيعتقد كلما يقولون فلا تدل على العمل تعبدا بل بعد
الاعتقاد وأجيب عنه بأنّ الحمل على هذا المعنى غير ممكن بعد ملاحظة مورد الآية حيث
ذكر في تفسيرها أنّها نزلت في نمام كان من المنافقين فأخبر جبرئيل بخبره فأحضره
النّبي صلىاللهعليهوآله وأخبره بذلك فأنكر وحلف عليه فصدقه النّبي صلىاللهعليهوآله وخرج وذكر لأصحابه أنّه صلىاللهعليهوآله أذن أخبره جبرئيل بأنّي أنم عليه فقبل وأخبرته بعدمه فقبل
مني فنزلت الآية في رده ولا ريب أنّه صلىاللهعليهوآله لم يكن يعتقد صدق خلاف ما أخبر به جبرئيل وحينئذ فليس
المراد حصول الاعتقاد فيندفع هذا الاعتراض نعم يرد اعتراض آخر وهو أنّه ليس المراد
أيضا القبول تعبدا لمنافاته المورد مع أنّه لا يمكن العمل بقول جميع المؤمنين حذرا
من التّناقض مع أنّ كون المراد ترتيب الآثار ينافي كونه رحمة لجميع المؤمنين كما
في ذيل الآية إذ ربما أخبر بارتداد طائفة منهم فترتيب الآثار عليه يوجب إيذاءهم
وقتلهم وهو ينافي الرّحمة العامة فيكون المراد به التّصديق الصّوري أي لا ينكر
عليهم قولهم وأمّا ترتيب الآثار فهو أمر آخر نعم ربما يوجب الخبر في مورد لزوم
الاحتياط والحذر كما في حكاية إسماعيل لا لأنّه ترتيب للآثار على الخبر ولعل هذا
هو السّر في التّفريق بين الإيمان بالله والمؤمنين في تعدية الأوّل بالباء
والثّاني باللام ويمكن أن يقال إنّ للتصديق مراتب ثلاث أحدها التّصديق الواقعي أعني
الاعتقاد والثّاني التّصديق الظّاهري وهو القبول التّعبدي أو ترتيب الآثار
والثّالث التّصديق الصّوري وعدم الإنكار والكل مذكور في الآية الشّريفة فالأوّل هو
قوله يؤمن بالله والثّاني قوله يؤمن للمؤمنين والمراد المؤمن الحقيقي والثّالث
قوله ورحمة للذينءامنوا منكم والمراد المؤمن الصّوري ويكون هذا هو الجواب عن قوله
هو أذن لئلا يلزم التّكرار في الآية وحينئذ فيدل الآية على لزوم قبول قول المؤمن
الحقيقي تعبدا ويتم الاستدلال وأمّا الفرق بالباء واللام فإنّما هو لكون المراد
بالأوّل التّصديق بالوجود والثّاني غيره مما هو غير مذكور في الآية أقول لا يخفى
أنّ المراد بقوله يؤمن للمؤمنين أمّا الاعتقاد