فإنّه دقيق ويمكن الجواب بتنقيح المناط فإنّا نعلم عدم الفرق بعد وجوب ترتيب الآثار على المخبر به بين الآثار الثّابتة بنفس هذه الآية وبين غيرها من الآثار فإذا ثبت وجوب ترتيبها بهذه الآية ثبت هذا الأثر أيضا بتنقيح المناط القطعي وقد يقرر أصل الاعتراض بوجه آخر وهو أنّ المراد بالبناء في الآية هو الخبر الّذي يكون مقصودا بالبيان بالأصالة كالارتداد في موردها وأمّا إخبار الواسطة فلا يقصد الإخبار به أصالة بل هو واسطة في الإخبار بالمطلوب فإذا ضم إلى ذلك ظهور فيما لا يكون له واسطة تم الاعتراض ولا يمكن الجواب السّابق بأنّ كل راو إنّما يحكي خبرا بلا واسطة وذلك لأنّه ليس خبرا مقصودا بالأصالة نعم يمكن منع اعتبار كونه مقصودا بالأصالة وله وجه السّادس أنّ المراد بالفاسق كما يظهر من اللّغة هو مطلق الخارج عن طاعة الله سواء كان بالصغائر أو الكبائر أو من ارتكب كبيرة وكل ذنب كبيرة وهو موضوع للفاسق الواقعي وأعم ممن كان فاسقا قبل الخبر أو صار فاسقا بالكذب في هذا الخبر وحينئذ فلا يكون الحجّة إلاّ خبر من يعلم منه الاجتناب عن جميع الذّنوب حتى الصّغائر في الواقع وحتى في نفس هذا الخبر ولا يعلم ذلك إلاّ في خبر المعصوم فإنّ غيره لا يخلو من ارتكاب الصّغائر أو احتماله في حقه احتمال الكبيرة ولو بالكذب في هذا الخبر فيدل الآية على حجّيّة خبر المعصوم ولا كلام فيه وأجيب عنه بأنّ احتمال إرادة الفاسق بنفس هذا الخبر بعيد جدا إذ الظّاهر من الآية أنّ من كان فاسقا قبل هذا الخبر تبين عن خبره وهو ظاهر وأمّا تعميم الفسق بالنّسبة إلى مرتكب الصّغائر فهو أيضا فاسد بل هو عبارة عن كل مرتكب للكبيرة والقول بأنّ كل ذنب كبيرة أيضا فاسد ويدل على فساد كلتا الدّعويين الصّحيحة الواردة في تحديد العدالة حيث قال بم يعرف عدالة الرّجل فقال عليهالسلام ما حاصله أنّها تعرف باجتناب الكبائر فلو كان كل ذنب كبيرة لقال عليهالسلام باجتناب الذّنوب مضافا إلى قوله تعالى إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم إذ لو كان كل ذنب كبيرة لم يبق بعد اجتناب الكبائر سيئة حتى تكفر وقد دلت الصّحيحة على أنّ العدالة هي اجتناب الكبائر وهو ضد للفسق لا يمكن اجتماعهما في الشّخص فلو كان ارتكاب الصّغائر فسقا لزم كون مرتكبها وتارك الكبائر عادلا وفاسقا معا وهو محال فدلت الصّحيحة على أنّ الفسق هو ارتكاب الكبائر ومن الظّاهر أنّ المراد من الصّحيحة بيان العدالة الّتي هي الموضوع للأحكام الشّرعيّة وحينئذ فلا تفاوت بين أن يقال إنّ هذا هو المعنى اللّغوي أو الشّرعي أو غيرهما إذ لا يتعلق غرض بالبحث عن ذلك وكيف كان فلا يعتبر في العدالة الّتي هي الموضوع للأحكام الشّرعيّة إلاّ ما ذكر في الصّحيحة نعم العدالة في اصطلاح علماء الأخلاق ملكة يقتدر بها العقل العملي على إدخال القوى النّفسانيّة تحت العقل النّظري أو ملكة تقتدر بها على الاقتصاد والتّحفظ عن الوقوع في طرفي التّفريط والإفراط ويقابلها الجور باصطلاحهم وهذا المعنى لا يعتبر في العدالة الشّرعيّة لعدم وجوده في غير المعصوم غالبا نعم نسلم كون الفاسق اسما للفاسق الواقعي فيثبت من الآية أنّ خبر من لا