قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    غاية المسؤول في علم الأصول

    غاية المسؤول في علم الأصول

    351/456
    *

    بكونه مغيّا بالغاية الكذائيّة وهي اللّيل ثم يرد عليه الأمر فيكون الغاية بمنزلة صفة من صفات المطلوب فطلب شيء موصوف بوصف خاص لا ينافي طلب غيره بخطاب آخر أعني الصّوم في اللّيل مثلا وأمّا الأوّل فلأنّه إذا قال صم اللّيل فظاهر الأمر كون متعلقه واجبا نفسيّا وكون اللّيل بتمامه غاية لا بجزئه الأخير ليدخل بنفسه في المنطوق وحينئذ فإن كان الصّوم في الليل أيضا مطلوبا بهذا الطّلب لزم أمّا كون الأمر مستعملا في الطّلب الغيري لأنّ جزء المطلوب مطلوب بالطلب الغيري وأمّا كون اللّيل بجزئه الأخير غاية وكلاهما خلاف ظاهر الخطاب فإن قيل فما الفرق بين الغاية والصّفة بعد اشتراكهما في ارتفاع الحكم الخاص عن ما انتفى فيه الغاية أو الوصف وعدم الدّلالة على ارتفاع مطلق الحكم ولم نفيت المفهوم في الوصف وفصلت في الغاية قلنا بينهما فرق وذلك لأنّ التّكليف ربما يكون واحدا فحينئذ لو قال صم إلى الغروب وصم إلى المغرب تعارض الخطابان لأنّ ظاهر الأوّل أنّ المكلف به بالتّكليف النّفسي هو الصّوم المحدد بالغروب ومقتضى الثّاني أنّه المحدد بالمغرب بخلاف الوصف فإن ورد الحكم على موصوف لا ينافي وروده على غيره أيضا هذا حاصل كلامه وفيه نظر من وجوه أحدها أنّ جعل الغاية غاية للمادة لا يتم في مثل ولا تقربوهن حتى يطهرن إذ ليس المنهي عنه القرب الممتد المحدود بالطهر وكذا في مثل كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط إذ ليس المأمور به الأكل الممتد المحدود بطلوع الفجر فالتّحقيق أنّ الغاية أنّما هي للفعل من حيث كونه متعلقا للطّلب لا للفعل مع قطع النّظر عن الطّلب حتى يكون الطّلب واردا على الفعل المقيد والقول بأنّ الطّلب من المعاني الحرفيّة ولا يمكن تحديده مدفوع بأنّ التّحديد حقيقة للفعل باعتبار الطّلب لا للطلب نفسه والتّحديد بهذا النّحو يصدق بكون المطلوب الفعل الواحد المستوعب للوقت ويكون المطلوب الفعل المستوعب له بطريق التّكرر وبكون المطلوب الفعل مخيرا في أجزاء الوقت المحدود فمثل قوله تعالى أقم الصّلاة لدلوك الشّمس إلى غسق اللّيل يدل على طلب فعل محدود باعتبار الطّلب بالوقت الخاص وذلك بالتّخيير في إيقاعه في أي جزء أراد وأمّا لو كان تحديدا للفعل المطلوب لكان المطلوب الصّلاة الممتدة المستوعبة لذلك الوقت ولا يخفى فساده مع أنّ الوجه المذكور لا يجري في الإخبار المقابل للإنشاء وهو ظاهر والثّاني أنّ مقتضى كلامه أنّه لو لا ظهور الأمر في الواجب النّفسي لما صح القول بانتفاء الحكم الخاص أيضا وهو فاسد لأنّ الحكم الخاص نفسيّا كان أو غيريّا إنّما تعلق بالموضوع الخاص فبانتفائه ينتفي جزما حتى لو قلنا بظهور الأمر في الواجب الغيري لكان الوجوب الغيري حينئذ منتفيا عن الموضوع الخاص نعم يجوز إثبات وجوب آخر بخطاب آخر نفسيّا أو غيريّا للموضوع الآخر كما لا يخفى والثّالث أنّ اتحاد التّكليف لا يختص فرضه بالغاية بل يمكن فرضه في الصّفة أيضا ولا ربط له بإثبات المفهوم بل هو موجب لحصول التّعارض بين المنطوقين كما عرفت سابقا فإنّا لو علمنا أنّ في الغنم ليس إلاّ تكليف واحد فورد أنّ في السّائمة زكاة وفي مطلق الغنم زكاة وقع التّعارض بين المنطوقين لاستفادة الوجوب العيني