بجميع ما اعتبر فيهما من القيود واللّواحق فمفهوم قولنا إن جاء زيد فأكرمه غدا انتفاء وجوب الإكرام غدا لا مطلق الإكرام وبالجملة المنفي في المفهوم هو بعينه ما يثبت في المنطوق ولا فرق بين المفهوم والمنطوق إلاّ في النّفي والإيجاب نعم قد يكون للنّفي لوازم فيترتب عليه فإنّه لو كان الحكم واردا على المطلق في الإثبات اقتضى المفهوم نفيه عن المطلق ولازم النّفي عن المطلق هو النّفي عن جميع الأفراد وإلاّ لم يصدق انتفاء الحكم عن المطلق وبهذا الاعتبار يكون مفهوم القضيّة المطلقة أعني ما سبق في القسم الأوّل مفيدا للعموم وبما ذكرنا علم أنّ الحكم بأنّ مفهوم قولنا إن جاء زيد فهو يكرم حرمة الإكرام عند عدم المجيء باطل وما ذكر في تقريره فاسد وذلك لأنّ المعلول والمعلق في المنطوق ليس طبيعة الإكرام حتى يرد عليه النّفي في المفهوم بل هو طلب الإكرام وإن ذكر بصيغة الخبر وحينئذ فيرد النّفي في المفهوم أيضا على طلب الإكرام فيقتضي نفي وجوبه لا نفي طبيعة ويكون مفهومه مفهوم قولنا إن جاء زيد فأكرمه وأيضا علم بما ذكرنا جواب الإشكال الثّاني أيضا وبيانه أنّه إن كان الحكم الثّابت في المنطوق مترتبا على الإطلاق كالوجوب العيني والنّفسي لما عرفت من أنّ الوجوب حقيقة في جميع الأقسام المذكورة لكونه طبيعة واحدة إلاّ أنّه إذا لم يبيّن التّخيير أو الغيريّة أو الكفائيّة وجب الحكم بإرادة التّعييني النّفسي العيني بمقتضى الإطلاق فحينئذ لا ريب أنّ المفهوم يفيد العموم لأنّ الوجوب الثّابت في المنطوق مطلق فإذا ورد عليه النّفي في المفهوم أفاد العموم وإن كان الحكم مترتبا على التّعليق كما في قوله إذا دخل الوقت وجب الطّهور والصّلاة فنقول إنّ مفهومه أيضا يقتضي العموم وذلك لأنّه لما تحقق من الأدلّة أنّ الوجوب النّفسي لو ثبت للوضوء لم يكن معلقا على دخول وقت الصّلاة حكمنا بأنّ الوجوب في الخبر وجوب غيري لتعليقه على دخول وقت الصّلاة فاستفادة كون الوجوب غيريّا إنّما هي من التّعليق على دخول الوقت والوجوب في نفسه لم يعتبر كونه غيريّا قبل التّعليق حتى يكون المعلق هو الوجوب الغيري ليرد النّفي في المفهوم عليه بل المعلق هو طبيعة وجوب الوضوء إلاّ أنّ لازم تعليقه كونه غيريّا وإذا كان المعلق هو الطّبيعة ورد النّفي في المفهوم عليها واقتضى العموم كما بيّنا وأمّا إذا كان المنطوق عاما فالضابط في إفادة المفهوم العموم وعدمه هو أنّ العموم في المنطوق إن اعتبر جزءا للموضوع وقيدا ورد النّفي في المفهوم عليه فاقتضى سلب العموم نحو قولك إن شفى الله ولدي فله علي أن لا أشتم أحدا لظهور أنّ المراد تعليق عموم عدم الشّتم على الشّفاء فينتفي العموم بانتفاء الشّفاء وإن اعتبر آلة لملاحظة الأفراد في الحكم بحيث يراد تعليق الحكم في كل فرد فرد على الشّرط اقتضى المفهوم انتفاءه عن كل فرد وعلى ما ذكرنا يظهر لك التّحقيق في مفهوم قوله عليهالسلام كل ما يؤكل لحمه يتوضأ من سؤره ويشرب وكذا قوله عليهالسلام إذا بلغ الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء إذ لو كان الغرض جعل العموم موضوعا اقتضى المفهوم سلب العموم وإلاّ فعموم السّلب ثم إنّ حصل العلم بأنّ المراد أي المعنيين فهو وإلاّ ففي الحمل على جعله موضوعا أو آلة للملاحظة إشكال ودعوى غلبة