عنوان الإعانة على الإثم فإنّه موجب لصيرورة مقدمة الحرام حراما نفسيّا وتوضيح المطلب يستدعي بيان موضوع الإعانة وحكمها في مقامين أحدهما في موضوعها فنقول اختلفوا فيه تارة في أنّ المعتبر هل هو الإعانة على فعل الغير أو الأعم منه ومن فعل نفس المعين ذهب كاشف الغطاء إلى الثّاني وهو بعيد لأنّ إتيان الفاعل بما يعينه على الحرام لا يعد إعانة على الإثم عرفا وإنّما المتبادر إعانة الغير على الحرام واختلفوا أخرى في أنّ تحققها منوط بقصد حصول الحرام أو بترتب الحرام نظير من يقول بوجوب المقدمة الموصلة في المبحث السّابق أو المناط هو الصّدق عرفا ذهب صاحب الكفاية إلى الأول وكثير من المتأخّرين والفاضل النّراقي إلى الثّاني وهو ممن يحرم قصد الحرام أيضا فلو ترتب الحرام كان القصد حراما نفسيّا وغيريّا من جهة المقدميّة وجهة الإعانة وإلاّ فمن جهة المقدميّة فقط والأردبيلي إلى الثّالث قال في آيات الأحكام على ما حكي عنه ما معناه أن الإعانة على الإثم ليس لها ملاك مطرد بل المدار في صدقها على العرف فإنّ من اختار التّجارة بقصد أن يؤخذ منه العشر صدق عليه الإعانة بخلاف ما إذا لم يقصد ذلك بخلاف من يناول الظّالم العصا مع علمه بأنه يريد ضرب شخص ظلما فإنّه لا يعتبر في صدق الإعانة عليه قصد ترتب الضّرب عليه فالمناط هو العرف انتهى والحق هو القول الأول فإنّ قوله تعالى ولا تعاونوا على الإثم كما يدلّ على أن المعتبر في صدق كون الإثم فعلا لغير المعين كذا يدل على اعتبار القصد فيها للتّبادر وإلاّ ليصدق على أفعال الله تعالى عن ذلك وتقدس وسائر الأقوال فاسدة أمّا ما ذهب إليه النّراقي رحمهالله فلما نرى من أنّ التّرتب ملغى في نظر العرف لصدق الإعانة عرفا بمحض الإتيان بالفعل بقصد التّرتب سواء ترتب أو لا ولذا حكموا بأنّ بيع العنب ممن يعمل خمرا مكروه وبيعه ليعمل خمرا حرام ولعل توهمه إنّما هو لعدم صدق الإثم عند عدم التّرتب فلا يصدق الإعانة وهو مدفوع بأنّ معنى الإعانة عليه إتيان فعل ليتحقق معه الحرام سواء تحقق أو لا وبالجملة لا حاجة في صدقها إلى ترتب الإثم بل يكفي القصد وما قيل من عدم لزوم القصد أيضا فاسد فكما أن الأول إفراط فهذا تفريط وأمّا مذهب الأردبيلي رحمهالله فغير ظاهر المراد لأنّه مستلزم لأن يكون الإعانة على الإثم مشتركا بين المعنيين مع أن لها معنى واحد فإنّ القصد إمّا معتبر فيها أو لا ولا فرق بين الموارد ولعل توهم الفرق نشأ مما ذكر الفقهاء في كتاب الحدود من أن القتل بما يقتل غالبا عمد وأمّا ما يقتل نادرا فإن قصد به القتل كان عمدا وإلاّ فلا فاعتبر في الثّاني القصد دون الأول والتّحقيق اعتبار القصد مطلقا والسّر في عدم اشتراطه فيما هو يقتل غالبا هو عدم انفكاكهما غالبا فلا حاجة إلى الاشتراط فيه لحصول الشّرط بخلاف ما يقتل نادرا وكذا الكلام فيما مثل به فإنّ إيقاع التّجارة بقصد أخذ العشر غير معهود عرفا فيعتبر العلم بقصده عرفا بخلاف إعطاء العصا فإنّه لا ينفك عن القصد عادة ولذا لا يتقيد بتصريحه بالقصد بل يكتفى