أنّ نتيجة دليل الانسداد مهملة وهي حجّيّة الظّنّ إمّا جميع الظّنون أو البعض فهو من الخارج إذ من مقدّماته استلزام الاحتياط في جميع الموارد العسر والحرج والبراءة الخروج من الدّين فلا بد من حجّيّة جملة من الظّنون لئلاّ يلزم المحذوران فإن ثبت هناك ظنون راجحة الاعتبار بحيث يكتفى بها في أغلب الموارد ويخرج به عن المحذورين فلا مانع من عدم حجّيّة سائر الظّنون حينئذ وإلاّ وجب الحكم بحجّيّة الجميع لئلا يلزم التّرجيح بلا مرجّح وحينئذ نقول إنّ لنا ظنونا راجحة ذاتا واعتبارا في أغلب الموارد وهو ما سوى ما علم أو ظنّ عدم اعتباره وبذلك نخرج عن المحذورين والقياس والظّنون اللّمّيّة من الظّنون المقطوعة بعدم الاعتبار للإجماع المذكور فلا يضر عدم حجّيّتها بحجّيّة دليل الانسداد أقول الجواب الثّاني أصحّ إلاّ أنّ عدم حجّيّة الظّنون اللّمّيّة كلّيّة ممنوع فإنّا نراهم يستدلّون بدليل الحكمة على إثبات وضع صيغة للعموم وباستقراء أرباب الحرف والصّناعات الخاصة على ثبوت الحقيقة الشّرعيّة فالأولى القول بالتفصيل وأنّ العلة المستفادة قد تكون من الأمور الّتي نعلم أنها معتبرة عند الواضع كالاحتياج إلى الإفادة والاستفادة في الموردين المذكورين فإنّ كون العام من المعاني المحتاج إليها علة لأن يوضع له لفظ والاحتياج معتبرة عند الواضع فهو لا يقصر عن سائر الظّنون ذاتا واعتبارا حتى يرجح البواقي عليه بخلاف تكثّر الفائدة في ترجيح الاشتراك على المجاز وهو إذ لا نعلم اعتبار ذلك عند الواضع كما لا يمكن الحكم بمحض وجود مناسبة ذاتيّة بين اللفظ والمعنى بأنّه موضوع لذلك المعنى لعدم العلم بأنها معتبرة عند الواضع وبذلك علم وهن ما قيل في جواب القائلين بأنّ دلالة الألفاظ ذاتيّة من أنّها لو كانت بالمناسبات الذاتية لما فهم المعنى بدون العلم بالمناسبات بل فهم المعنى للجاهل بها إنّما هو بالوضع نعم لو علم أحد بالمناسبة الذّاتيّة لم يحتج إلى العلم بالوضع بل نفس المناسبة حينئذ كاشفة عن الوضع بيان بطلانه أن كشف المناسبة عن الوضع مبنيّ على العلم بأنّ الواضع اعتبر المناسبات الذاتيّة وهو ممنوع إذ لا يمكن العلم بذلك فلعل المرجح له في الوضع لهذا المعنى دون غيره أمر آخر غير المناسبات الذاتيّة ثم اعلم أنّه لا يجوز العمل بالظّنون الحاصلة قبل الفحص والاجتهاد للاتّفاق على عدم حجّيّتها قبله ولذا ذكروا أنّ نقل النقلة ليس بحجّيّة إذا علم مستندهم بل يجب الاجتهاد في المستند إذ قبله يصير تقليدا إذ ليس النقل حينئذ مستندا لنا بل إنّما يكون النقل مستندا لنا إذا لم نعلم مستنده وبهذا اعتذر بعضهم عن تدوين الهيئات اللّغويّة في علم الأصول كالمشتق والأمر والنهي والعام والخاص وأمثال ذلك دون موادها لإمكان الاجتهاد في الأوّل بالرجوع