موصوفا بالوجود فننقل الكلام إلى تلك الموصوفيّة فيلزم التّسلسل بخلاف ما لو قلنا بأنّه من الأمور الاعتبارية لانقطاع السّلسلة بانقطاع الاعتبار فتأمل وقد أورد نظير هذا الإشكال على الجمع المعرف عند إرادة عموم الجماعات منه من جهة لزوم تكرار الطّلب لصدق الجماعة على الثّلاثة منفردا وفي ضمن الأربعة وهكذا وأجيب عنه بأنّ المراد من اللّفظ تعميم الجمع بحيث لا يلزم منه تكرار ولا يجري هذا فيما نحن فيه لأنّ حكم العقل يتبع العنوان فمتى تحقق ثبت الحكم والعنوان يصدق على كل فرد من المقدمات متكررا فيجب تحقق الحكم كذلك فالأولى في الجواب ما ذكرنا وقد تقسم المقدمة إلى شرعيّة وعقليّة وعاديّة ومثلوا للشرعيّة بالطهارة للصّلاة ولعل وجهه أنّ المطلوب هو الصّلاة بوجه مخصوص واقعي بحيث لا يمكن تحصيلها بدون الطّهارة كالمشي للحج فيكون الطّهارة من المقدمات العقليّة لكن لما كان الكاشف عن كونها مقدمة هو الشّرع سميت شرعية والوجه الأخير موقوف على ما قيل من أنّ الأحكام الوضعيّة ليست بمحض جعل الشّارع بل هي أحكام ثابتة لموضوعاتها واقعا والكاشف عنها الشّارع كالملكيّة والسّببيّة ونحوهما فافهم وقد يقسم المقدمة إلى مقدمة الوجود ومقدمة الوجوب ومقدمة الصّحة ومقدمة العلم والأوّل كالمشي للحج والثّاني كالبلوغ للصّلاة بناء على صحة صلاة المميز والثّالث كالوضوء للصّلاة والرّابع كالصّلاة إلى الجهات الأربع عند اشتباه القبلة هذا إن لوحظت المقدمة بالنسبة إلى متعلّق الوجوب والصّحة والعلم إمّا أن لوحظت بالنسبة إلى أنفسها كانت مقدمة لوجودها ثم إن مقدمة الوجوب خارجة عن محل النّزاع في المسألة بلا إشكال ومقدمات الصّحة راجعة إلى مقدمات الوجود باعتبار أن الوضوء إذا كان شرطا للصّلاة فوجود الصّلاة الصّحيحة لا يحصل إلاّ به ومحل النّزاع هو مقدمات الوجود في الجملة وسيأتي الكلام في تعميمه بحيث يشمل مقدمات وجود الواجب المشروط أيضا وعدمه وأمّا مقدمة العلم فقيل بخروجها عن المسألة ولعل وجهه أنّ النّزاع في المسألة إمّا يكون في وجوب المقدمة وجوبا يكون منشأ للآثار بحيث يترتب عليه الثّواب والعقاب فلا ريب في عدم إجرائه في مقدمات العلم لأنّ وجوب أصل تحصيل العلم وجوب إرشادي عقلي لا يترتب عليه عقاب إلاّ عقاب ترك الواجب نظير الأمر العقلي بوجوب الإطاعة وحرمة المعصية وإمّا يكون النّزاع في مطلوبيّة المقدمة مطلقا فلا ريب في أنّ النّزاع فيها بهذا المعنى لا فائدة فيه لأنّ تحصيل العلم بالنسبة إلى المكلّف ليس إلاّ عبارة عن فعله المحصل للعلم فكل واحد من الصّلاة الأربع داخل في عنوان تحصيل العلم فيتصف بالوجوب بعد الاعتبار بنفس وجوب تحصيل العلم فالنّزاع في أنّه واجب بعنوان المقدمية أيضا أو لا ليس له فائدة نظير المقدمات الدّاخلة (الثّانية) الواجب إمّا مطلق أو مشروط وعرّف الأوّل بما لا يتوقف وجوبه على ما يتوقف عليه وجوده كالصّلاة بالنسبة إلى الطّهارة والثّاني بما يتوقف على وجوبه على ما يتوقف عليه وجوده كالعبادات الشّرعيّة بالنسبة إلى العقل وأورد عليه بخروج الحج عن الواجب