بدون القربة وهي ليست داخلة في المأمور به فالحسن إنّما هو في الأمر والتّشريع وربما يجاب عن الإشكال بأنّ المأمور به هو إتيان الفعل بالعنوان الّذي هو متعلق الأمر فلو قال اضرب للتّأديب فضرب لا له لم يسقط عنه الأمر ثم إن العنوان المطلوب قد يكون معلوما للمكلف فيقصده كالمثال المذكور وقد لا يكون معلوما فقصده إنّما يمكن بقصد ما يكشف عنه وهو الأمر لأنّه يكشف عن وجود العنوان المطلوب قطعا كما أن الشّخص إذا علم باشتغال ذمته بفائت لم يدر أنّه ظهر أو عصر مثلا فطريق تعيينه قصد ما هو مطلوب منه شرعا والعنوان في التّوصليات معلوم فلذا لا يحتاج إلى قصد القربة بخلاف العبادات فلذا تحتاج إليه وفيه نظر لأنّ قصد المطلوبية بعنوان الكاشفيّة غير قصد القربة لإمكان أن يقصد الصّلاة بالعنوان المطلوب شرعا لكن للرياء مثلا مع أن العنوان إنّما هو الّذي تعلق به الأمر فلو قال صل فالعنوان هو الصّلاة فيلزم أن يكفي قصدها في سقوط الأمر ثم إن الإشكال المذكور يجري في مواضع آخر أيضا فإنّ الدّعاء والشّفاعة إن تعلقا بفعل حسن لم يخبر لأنّه يجب عليه تعالى فلا يحتاج إليها وإن تعلقا بالقبيح لم يجز طلب القبيح منه مع أنّه محال في الحكمة والتّحقيق في الجواب أن متعلق الطّلب هو ذات الفعل والغرض هو أن يكون الأمر داعيا للمكلف على الفعل ومعنى ذلك إتيانه بقصد الامتثال والغرض من هذا الغرض هو إيصال المنفعة إلى المكلف ولا ريب أن التّكليف إنّما يسقط بحصول الغرض فمتى أتى بالفعل لأجل أنّه مطلوب سقط عنه الأمر فبقي الفرق بين العبادات وغيرها فنقول الدّاعي إلى الغرض المذكور وهو الإيصال إلى النّفع والنّفع قد يكون في ذات الفعل فإذا أتى به الشّخص لا لأجل أنّه مطلوب فقد وصل إلى النّفع وحصل غرض الغرض فسقط التّكليف وإن لم يحصل الامتثال وهذا في التّوصليات وقد لا يكون النّفع في ذات الفعل مطلقا بل النّفع فيه إذا فعل بقصد الإطاعة فإذا أراد الشّارع إيصال هذه المنفعة إلى المكلف أمره بنفس الفعل ليمكن تحصيل تلك المنفعة الّتي هي الغرض فمتى لم تحصل لم يسقط التّكليف لعدم حصول الغرض وبهذا إيجاب في مسألة الدّعاء والشّفاعة فإن نفس الفعل لا حسن فيه بل فيه القبح لكن إذا صار معنويا بعنوان الإجابة كان حسنا فالشخص بطلبه ليوجد فيه عنوان الإجابة حتى يحسن من الله تعالى فيجيب فتأمّل وافهم ونظير الإشكال المذكور ما ذكروه في كيفيّة اشتراط قصد القربة في الواجب المقدمي كالوضوء فإنّه واجب توصلي ومعنى الواجب التّوصلي أنّه واجب للتّوصل إلى الغير فلا معنى لقصد القربة فيه فإن قيل إنّه إنّما يرد إذا لم يكن المقدمة عبادة وأمّا إن كانت بنفسها عبادة فلا إشكال في ذلك قلت كون الوضوء عبادة إنّما هو للأمر المتعلق به استحبابا فإن قلنا بعدم بعدم استحبابه بعد دخول الوقت لم ينفع الجواب المذكور لانحصار أمره في التّوصليّة وإن قلنا ببقاء الاستحباب فمقتضى الجواب المذكور اشتراط نيّة الوضوء استحبابا لأنّه العبادة الّتي حكم بكونها مقدمة