نظر لأنّ الحكم الواقعي قد يكون معلوما فيتعلّق بالعمل ولا يسمّى حينئذ حكما ظاهريّا فالتعميم أولى ولكن فيه إشكالات أحدها أنّ الفقه ليس عبارة عن العلم بالحكم الظاهري لأنّ الفقه إنّما يبحث فيه عن ثبوت الأحكام الواقعية لموضوعاتها لأنّ الحكم الظاهري ليس قابلا للنّفي والإثبات والنّزاع والجدال فلا يكون البحث عن المسائل المختلف فيها بحثا عن الفقه وهو ظاهر البطلان لأنّ الفقه إمّا اسم للمسائل أو للعلم بها والثاني أنّ العلم بالحكم الظّاهري ليس حاصلا من الأدلّة التفصيليّة بل إنما يحصل من دليل اعتبار تلك الأدلّة إذ المراد بالحكم الظّاهري هو هذا لا مثل الوجوب الثّابت بالاستصحاب والطّهارة الثّابتة بالأصل فإنّه هنا داخل في الحكم الواقعي وإن أطلق عليه الحكم الظّاهري باصطلاح آخر وأجيب عنه بوجوه منها أنّ الظرف متعلق بالعلم باعتبار ما تضمّنه من معنى مطلق الاعتقاد فلا يجب أن يكون الجزم به أيضا حاصلا من تلك الأدلّة ولا ريب أنّ هذا بعيد جدّا ومنها أن الظّرف متعلّق بالمستنبطة المقدّرة صفة للأحكام ويخرج علم الملائكة والأنبياء بقيد الحيثيّة ومنها أنّه متعلق بالعلم والحكم مظنون فالمدرك مظنون وظنية المدرك لا يستلزم ظنية الإدراك وفيه أنّه إن كان المراد عدم التنافي بين ظنيّة المدرك وقطعيّة الإدراك الّذي أدرك به ذلك المدرك فهو ظاهر البطلان وإن أريد إدراك آخر متعلق بذلك المدرك فهو ممكن لأنّ الحكم إذا صار مظنونا بسبب الأدلّة أدرك النفس ظنيتها قطعا فينحصر الأحكام المظنونة عند النّفس بسبب تلك الأدلّة والنفس عالم بمظنوناتها ولكن يلزم كون الفقه من قبيل التّصورات وهو فاسد فالأولى أن يقال إنّ الفقه هو العلم بالأحكام عن الأدلّة المعتبرة والعلم بالحكم الظّاهري أيضا حاصل من الأدلّة المعتبرة أمّا أصل الاعتقاد فمن ذات الدليل وأمّا الجزم فمن اعتبار ذلك الدليل لكن التحقيق ما عرفت أن الفقه عبارة عن الأحكام الواقعية لا الظاهريّة فالإيراد وارد إلاّ أن يراد من العلم مطلق الاعتقاد فيرد عليه ما سلف والثالث أنه كيف يكون الواقعي مظنونا وطريقه قطعيّا كما قيل إنّ ظنية الطريق لا ينافي قطعية الحكم وأجيب بأنّ الحكم الواقعي مظنون بمقتضى دليله ولكن مقتضى دليل حجيّة ذلك الدّليل أنّ ذلك المظنون يصير حكما شرعيّا فيكون مظنون الوجوب واجبا ومظنون الحرمة حراما ولا تنافي بين كون ذات العمل مظنون الوجوب وكونه واجبا من حيث إنّه مظنون الوجوب وقيل ليس مقتضى دليل حجية الأدلة إلاّ وجوب العمل بمقتضاها لا صيرورة مقتضاها حكما شرعيّا في الظاهر وتصوير الفرق بين القولين مشكل ومحلّه مسألة التخطئة والتصويب وسيأتي إن شاء الله هذا تمام الكلام في