الثاني وهو أنّ المراد بعض الأحكام والتجزي إن قلنا باستحالته فلا إشكال وإن قلنا بإمكانه فإن كان علمه حجة فلا ضرر في دخوله وإلاّ فإن كان التّعريف للفقه مطلقا أعمّ من الصحيح والفاسد فلا ضرر في دخوله أيضا وإن كان للفقه الصّحيح ورد الإشكال ويمكن أن يجاب بخروجه بقيد العلم بالأحكام لما يأتي أنّ المراد الأحكام الظّاهريّة والمتجزي لا علم له بالحكم الظاهريّ إذ ليس حجّة في حقّه واعترض على المجيب بوجوه أحدها أنّ جعل العلم بمعنى الملكة باطل لوجوه منها أنّ الملكة لا تتعدّى بالباء فلا معنى لأن يقال الملكة بالأحكام ومنها أنّ ملكة الأحكام لا تحصل من الأدلّة بل من الممارسة والمزاولة إلاّ أنّ يجعل الظّرف متعلقا بالأحكام ومنها أنّ أسماء العلوم ليست أسماء للملكات بل لنفس المسائل أو لإدراكها ومنها أنّ إرادة الملكة مستلزمة لسبك المجاز عن المجاز بضميمة ما يقال إن المراد من العلم هو الظن لأنّ أكثر الأحكام ظنيّة فيكون استعمال العلم في ملكة الظنّ من قبيل سبك المجاز عن المجاز والثّاني أنّ تسليم دخول المتجزي بناء على إرادة البعض لا وجه له مطلقا لأنّ المراد ليس البعض مطلقا بل المراد القدر المعتدّ به فالمتجزّي إن لم يعلم القدر المعتدّ به فقد خرج وإن علم به وكان حجّة فلا وجه لإخراجه وإلاّ فليس بداخل لأنّ المراد الجزم بالحكم الظّاهري ولكن يلزم على هذا خروج من ليس له العلم بالقدر المعتدّ به وإن كان له ملكة الكلّ وهذا غير بعيد بل هو كذلك وإن كان تحقق هذا الفرض بعيدا أقول أمّا قوله الملكة لا تتعدى بالباء فيمكن دفعه بأنّ المراد ملكة الظنّ وأمّا قوله إنّ الملكة تحصل بالممارسة فيدفع بتعلّق الجار بالأحكام وأمّا قوله إنّ أسماء العلوم ليست أسماء للملكات فهو محلّ إشكال وفيه أقوال ثلاثة أحدها أنّها أسماء للملكات والثّاني أنها أسماء لجميع المسائل والثالث أنّها أسماء للمسائل المعروفة وأمّا المتجدّدة فراجعة إليها ويشكل الأوّل بأنّه يلزم عليه صحّة إطلاق الفقيه على من لم يعرف مسألة من الفقه فعلا ولكن كان له القوة والملكة وليس كذلك والثاني بأنّه يلزم عليه أن لا يطلق الفقيه على أحد إذ لا يعرف جميع المسائل إلاّ الله والثالث بأنّه إنما يتمّ إرجاع المسائل المتجدّدة إلى المعروفة عند اتحاد موضوع المسألتين وأمّا عند اختلافهما فلا كما لو كان المعروف من مسائل النحو أنّ الفاعل مرفوع فلا يمكن إرجاع المفعول منصوب إليه إذ لا ربط بينهما فيلزم أن لا يكون من النحو ويمكن دفع الإيراد الثاني بالتسليم بأن يقال إنّ الفقه اسم للعلم بالجميع فلا أحد يعلم الفقه بل كلّ فقيه فهو عالم ببعض الفقه فيكون الفقه علم شخص للمسائل إذ لا جامع بين المسائل المختلفة حتى يكون اسم جنس أو علم جنس ولكن إذا تعقب بالعلم أو أطلق على إدراك المسائل كان المراد أعم من بعض