الصّلاة على الفاسد بادعاء كونه صحيحا لمشاكلته له في الصّورة والحاصل أن اللّفظ قد أطلق على الصّحيح الّذي هو الموضوع له لكن بتنزيل الفاسد منزلة الصّحيح بالمشاكلة وهذا غير قول السّكاكي في الاستعارة حيث يقول إنّ التّصرف إنّما هو في أمر عقلي فإنّ مراده أنّ أسد يراد منه الرّجل الشّجاع لكن تنزيله منزلة الحيوان المفترس وهذا يرد عليه أن التّنزيل المذكور لا يخرج الرّجل الشّجاع عن كونه غير ما وضع له فاللّفظ مجاز فيه ونحن نقول إنّ اللّفظ يراد به المعنى الموضوع له حقيقة كإطلاق الحقة فيما ذكر لكنه بادعاء كونه تماما وبالجملة الفرق بين الكلامين يظهر بالتأمّل وإن أبيت عن ذلك فقل في الجواب إن القول بأن إرادة الأعم إنّما هي للمشاكلة في الصّورة إنّما هو من بعض الصّحيحيّة لا من جميعهم ولعله كان قائلا بالوضع وهو لا يوجب اختصاص النّزاع بالقائلين بالوضع وهذا ظاهر ثم إنّك بعد ما عرفت من أنّ النّزاع المذكور إنّما يجري على القول بالمعاني المستحدثة أو النّقل تعلم أن إجراءه في المعاملات وعدمه مبني على القول بكونها ماهيات مجعولة أو منقولة وعدمه فمن أدخلها في النّزاع قال بكونها ماهيات مستحدثة أو بالنقل ومن أخرجها جعلها مبقاة على المعاني اللّغوية ولا يخفى أن أكثر المعاملات باقية على معانيها اللّغوية ولم يتحقق فيها نقل كالبيع ونحوه وإنّما زيد لصحتها شروط في الشّريعة لكن بعضها قد حدث له معنى جديد في الشّرع كالطلاق فإنه ليس الملحوظ في إطلاقه معناه اللّغوي أصلا فهو داخل في محل النّزاع وهذا عكس العبادات فإنّ أكثرها معاني مستحدثة في الشّرع وبعضها باق على معناه اللّغوي كالسّجود والرّكوع ونحوهما وبالجملة فدعوى الكلية في كل من المقامين لا وجه له بل لا بد من التّفصيل والرّجوع في كل لفظ إلى ما يقتضيه الدّليل ولا بأس بالإشارة إلى بعض كلماتهم في المقام ليتّضح المرام فنقول قال الشّهيد في القواعد الماهيات الجعلية كالصّلاة والصّوم وسائر العقود لا تطلق على الفاسد إلاّ الحج لوجوب المضي فيه وظاهر هذا الكلام تحقق الماهيات الجعلية في المعاملات أيضا بناء على أن يعطف سائر العقود على الصّلاة والصّوم قال بعض المحققين إن مراده أنها لا تطلق على الفاسد بعد الأوامر الشّرعية إلاّ الحج حيث أمر بإتمام فاسده أيضا وليس مراده الإطلاق مطلقا إذ لا مجال لإنكاره واعترض عليه في الفصول وذكر أن مراد الشّهيد من عدم الإطلاق على الفاسد الإطلاق بطريقة الحقيقة إذ الاستعمال المطلق في الفاسد لا مجال لإنكاره وليس مراده الإطلاق بعد الأوامر وإلاّ لورد عليه أن الفاسد الّذي هو المأمور به في الحج إن أريد به الفاسد خصوص الفرضي بمعنى أنّه فاسد إن لم يتعلّق الأمر بإتمامه إذ مع ملاحظة الأمر يكون صحيحا لكونه موافقا