قبل الاستعمال والثّاني أنّ الحكمة المقتضية للوضع وهو اللّطف موجود في بدء الاستعمال والشّارع ملتفت إليها فيجب تحقق الوضع حينئذ وإلاّ لزم ارتكاب خلاف اللّطف وهو باطل وأمّا الثّالث فبأنّا لا نسلم أنّ الوضع التّعيّني مسبوق بالاشتراك لم لا يجوز أن يكون وصول الثّاني إلى حد الوضع وخروج الأوّل متقارنين فلا يتحقق الاشتراك ولو سلم فنقول غلبة الاستعمال في المعنى الجديد قرينة معيّنة لأحد معنى المشترك وأمّا الرّابع فبأنّ قولهم بالحمل على المعنى اللّغوي إنّما هو بالنظر إلى الوضع من حيث هو لا فيما إذا قامت القرينة على عدمه أيضا فليس كلامهم ناظرا إلى جهة صيرورته مجازا مشهورا فإنّ كلامهم إنّما هو مع قطع النّظر عن الأمورات الخارجية وهم قد ذكروا أنّه إذا فرضنا عدم الوضع للمعنى الشّرعي فهل هو أقرب المجازات إلى المعنى اللّغوي حتى يحمل عليه عند القرينة الصّارفة أو لا وهل هو مجاز مشهور حتى يحمل عليه اللّفظ مجردا عن القرينة بناء على ترجيح المجاز المشهور أو لا فافهم ثم إن ما ذكره الشّريف رحمهالله من أن مقتضى القاعدة عند الجهل بالتّاريخ الحكم بالتّقارن والحمل على المعنى الشّرعي كصورة العلم بالتقارن باطل فإن الحمل على المعنى الشّرعي في صورة العلم بالتقارن أيضا لا وجه له فإن الاستعمال في المعنى لا بد له من مصحح مقدم على الاستعمال فإن كان هو الوضع فقد تقدم الوضع على الاستعمال وإن كان القرينة فقد تأخر كما ذكروا أن الماء إذا صار كرا ووقع النّجاسة فيه حال صيرورته كرا أنّه نجس إذ المعتبر في عدم التّنجس هو سبق الكريّة على وقوع النّجاسة مضافا إلى أن التّقارن غير متصوّر لأنّ الوضع التّعيّني يحصل بالاستعمال فإن كان الوضع حاصلا بغير الاستعمال الّذي فرضته مقارنا ارتفع التّقارن وتقدم الوضع وإن كان حاصلا بنفس ذلك الاستعمال فقد تقدم الاستعمال فالتقارن غير معقول وأمّا ذكره البعض من نفي الثّمرة وأن العلم الإجمالي لا يوجب رفع الظّن ففاسد أمّا قوله بعدم إيجاب العلم الإجمالي ارتفاع الظّنّ في كلامه الأخير فلأنّ معنى العلم الإجمالي هو العلم بحكم مردد بين شيئين على سبيل الانفصال الحقيقي ومعه لا يمكن إجراء أصالة العدم في شيء منهما لأن إجراءه في الجميع مخالف للعلم وفي أحدهما دون الآخر ترجيح بلا مرجح نعم لو كان الحكم في أحدهما مظنونا وفي الآخر موهوما أمكن ترجيح الموهوم لكنه ليس لمحض مقتضى الأصل بل هو لأمور خارجة والكلام إنّما هو مع قطع النّظر عن الخارج نعم هذا الكلام إنّما يصح إذا كان العلم به علما في الجملة كالعلم بثبوت القضاء المردد بين فريضتين وثلاثة فرائض فإنه ينحل إلى العلم التّفصيلي بوجوب الفريضتين والشّكّ التّفصيلي في الثّالثة فيجري فيها الأصل ومن ذلك ما قاله في الدّليل الثّالث إفاضة