يظهر مما تقدم أن الاسلام لا يشجع على قطع رأس العدو الكافر المحارب ، فضلا عن قطع رأس المسلم ونقله من بدل إلى بلد.
وقد انتهك الامويون هذا الحكم الشرعي الواضح ، ولا نعرف من أين اقتبس الامويون هذا الاسلوب في معاملة قتلاهم فلعله من آثار عقليتهم الجاهلية التي لم تزايلهم في يوم من الايام ، أو لعلهم اقتبسوه من الامم الاجنبية وخاصة الروم الذين قلدوهم في طريقة حياتهم.
وأول انتهاك نعرفه مارسه عامل معاوية بن أبي سفيان على الموصل وهو عبد الرحمان بن عبد الله بن عثمان الثقفي ، الذي ألقى القبض على عمرو بن الحمق الخزاعي (١) ـ بعد مطاردة طويلة ـ وقتله ، وقطع رأسه ، وبعث به إلى معاوية (فكان رأسه أول رأس حمل في الاسلام) (٢) وسنرى أن هذه الاولية ستذكر صفة لرأس الحسين أيضا مما يدل على أن خبر قطع رأس عمرو وقتله لم ينتشر بين المسلمين على نطاق واسع.
وفي ثورة الحسين ارتكب الامويون وأعوانهم جريمة قطع الرؤوس ونقلها على نطاق واسع.
فقد أمر عبيد الله بن زياد بقطع رأس مسلم بن عقيل ورأس هاني بن
___________________
(١) من خزاعة (اليمن ، عرب الجنوب) بايع رسول الله صلى الله عليه وآله في حجة الوداع ، وصحبه ، وروي عنه. سكن في الكوفة ، وكان من أشرافها البارزين ، كان من شيعة الامام علي بن أبي طالب وشهد معه حروبه. وكان من أبرز أصحاب حجر بن عدي الكندي ، استشهد في سنة ٥١ ه
(٢) أبو الفرج الاصفهاني. الاغاني ج ١٧ / ص ١٤٤ (طبعة الهيئة المصرية العامة للتأليف والنشر) تحقيق : محمد علي البجاوي بإشراف محمد أبو الفضل إبراهيم ـ ١٣٨٩ ه ـ ١٩٧٠ م. وطبقات ابن سعد (ط ليدن ـ أوفست) ج ٦ / ١٥ ، والمعارف لابن قتيبة : ٢٩١ ـ ٢٩٢ وقال : إن رأس عمرو بن الحمق حمل من الموصل إلى زياد بن سمية وبعثه زياد إلى معاوية. ولاحظ أيضا ص : ٥٥٤.