عن قناعات تتصل بالمبدإ الاسلامي ، ولا تتصل بالاعتبارات النفعية.
___________________
= عسكريا وتحطيمها بشكل نهائي ، واخراجها من دائرة الحياة الاسلامية ، فإنه قد أفلح في فضحها ، وبيان زيفها على الصعيد الفكري.
لقد ورد هذا المصطلح في خطب أمير المؤمنين علي ، وكتبه وكلماته القصار للتعبير عن الفئة الواعية في مقابلة غير الواعين ، ولبيان موقف الفئة الواعية من الاغراءات ، أو للتعبير عن موقف الانسان غير الواعي من الاغراءات والمخاوف.
فقد ورد مثلا في كتاب منه إلى معاوية بن أبي سفيان ، قوله :
(وأرديت جيلا من الناس كثيرا خدعتهم بغيك ، وألقيتهم في موج بحرك .. فجاروا عن وجهتهم ونكصوا على أعقابهم ، ... وعولوا على أحسابهم ، إلا من فاء من أهل البصائر ، فإنهم فارقوك بعد معرفتك ، وهربوا إلى الله من موازرتك) نهج البلاغة ـ باب الكتب ـ رقم النص : ٣٢. ومما قاله عز الدين بن أبي الحديد في شرحه تعليقا على هذا النص :
((وعولوا على أحسابهم) أي لم يتعتمدوا على الدين ، وإنما أردتهم الحمية ونخوة الجاهلية فاخلدوا إليها وتركوا الدين ، ثم استثنى قوما فاءوا ...) شرح نهج البلاغة : ١٦ / ١٣٢ ـ ١٣٣.
وورد في خطبة له يومئ فيها إلى الملاحم ويصف فئة من أهل الضلال :
(وطال الامد بهم ليستكملوا الخزي ، ويستوجبوا الغير ، حتى إذا اخلو لحق الاجل ، واستراح قوم إلى الفتن ـ لم يمنوا (أهل البصائر) على الله بالصبر ، ولم يستعظموا بذل أنفسهم في الحق ، حتى إذا وافق وارد القضاء انقطاع مدة البلاء ، حملوا بصائرهم على أسيافهم ، ودانوا لربهم بأمر وأعظمهم).
وهو يعني الجاهليين من جهة والمسلمين في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله من جهة أخرى.
وقال ابن أبي الحديد في شرحه تعليقا إلى هذا النص.
(.. حتى إذا ألقى هؤلاء السلام إلى هذه الفئة عجزا عن القتال ، واستراحوا من منابذتهم بدخولهم في ضلالتهم وفتنتهم ... أنهض الله هولاء ، العارفين الشجعان فنهضوا (وحمل هؤلاء العارفون بصائرهم على أسيافهم ... يعني أنهم أظهروا بصائرهم وعقائدهم للناس وكشفوها ، وجردوها من أجفافها ، فكأنها شئ محمول على السيوف يبصره من يبصر السيوف ...) شرح نهج البلاغة : ٩ / ١٢٩ ـ ١٣١.
إن قوله : (حملوا بصائرهم على أسيافهم) يعني في لغتنا الحاضرة : المواقف المبدئية المعلنة والنضال في سبيلها.
ومن النصوص التي وردت في نهج البلاغة عن أهل البصائر قوله عليه السلام في خطبة من خطب الملاحم.
(قد انجابت السرائر لاهل البصائر ووضحت محجة الطريق لخابطها ...)
ومن ذلك قوله في خطبة يصف فيها النحلة والجرادة.