ولك مزيد استبصار في ذلك في العين
الثالثة والستّين وشرحها من كتابنا سرح العيون في شرح العيون في تجسّم الأعمال
أيضا.
ونظير ما تقدّم من كلام هؤلاء الأكابر
في القوى الحيوانية جاء في نزهة الأرواح للشهرزورى في أخبار ديوجانس الناسك الكلبى
من أنّ :
الإسكندر وقف عليه يوما فلم يلتفت إليه
، فقال : يا ديوجانس! ما هذا التهاون بى؟
أراك عنّى غنيا. فقال : وأيّ حاجة تكون
لى إلى عبد عبدي؟ فقال له الإسكندر : ومن عبد عبدك؟ فقال : أنت؛ قال له : وكيف
ذلك؟ قال : لأنّى ملكت الشهوة فقهرتها واستعبدتها ، وملكتك الشهوة فقهرتك
واستعبدتك ، فأنت عبد لمن استعبدته أنا. (ج ١ ، ص ٢٠٨ ، ط حيدرآباد الدكن الهند).
وكذا مثله منقول عن سقراط وملك ناحيته
كما في طبقات الأطباء والحكماء لابن جلجل ، حيث قال في أخبار سقراط ما هذا لفظه :
وخطر عليه ملك ناحيته فنظر إليه ، فوعظه
سقراط ـ إلى أن قال : قال له الملك : أنت عبد لي. قال له سقراط : وأنت عبد عبدي.
قال له الملك : وكيف ذلك؟ قال له سقراط : لأنّى رجل أملك شهوتى الموذية ، وأنت رجل
تملكك شهوتك فأنت عبد عبدى. (ص ٣٠ ، ط مصر).
ومما هو يناسب نقله في المقام ما أفاد
هؤلاء العظام ، ما حكاه صاحب الفتوحات المكية في الباب الثالث والسبعين منها بقوله
:
وكان بعض أخوالى منهم (يعنى من الذين
تركوا الدنيا عن قدرة) ، كان قد ملك مدينة تلمسان يقال له يحيى بن يغان ، وكان في
زمنه رجل فقيه عابد منقطع من أهل تونس يقال له عبد الله التونسي عابد وقته ، كان
بموضع خارج تلمسان يقال له العباد ، وكان قد انقطع بمسجد يعبد اللّه فيه وقبره
مشهور يزار ، بينما هذا الصالح يمشى بمدينة تلمسان بين المدينتين اقادبر والمدينة
الوسطى ، إذ لقيه خالنا يحيى بن يغان ملك المدينة في خوله وحشمه ، فقيل له هذا أبو
عبد الله التونسى (كذا) عابد وقته ، فمسك لجام فرسه وسلّم على الشيخ ، فردّ عليه
السلام ، وكان على الملك ثياب فاخرة ،