الإنسان إلّا صورة طبيعيّة تقوم بها قوّة عقلية هيولانية فإذا فسد البدن تفسد تلك القوّة بفساده فلم يبق من الإنسان شيء يعتدّ به مع أنّ الشرائع الآلهية ناصّة على النفوس الإنسانية سعيدة كانت أو شقية كاملة أو ناقصة عالمة أو جاهلة. (ج ١ ، ط ١ ، ص ٣١٩).
أقول : قد أشار صدر المتألّهين في كلامه المذكور إلى أمرين ينبغى للباحث المحقّق حثّ النظر إليهما : أحدهما مطويّ في قوله : «فهذه حجج قوية» حيث وصفها بالقوّة ، وثانيهما قوله : «وبه تنحلّ إشكالات كثيرة إلخ».
أمّا الأوّل فناظر إلى قول الفخر في المباحث فإنّه بعد ما نقل اثني عشر دليلا في تجرّد النفس منها بعض الحجج المذكورة كما أشرنا إليه قال :
فهذه جملة ما وجدناه من الأدلّة على إثبات تجرّد النفس ولم يقنعنا شيء منها للشكوك المذكورة فمن قدر على حلّها أمكنه أن يحتجّ بها انتهى.
وحيث إنّ تلك الشكوك عند صاحب الأسفار موهونة مدفوعة وأجاب عن بعضها بما دريت ، قال : «هذه حجج قوّية».
وأمّا الأمر الثانى فهو ناظر إلى أصلين أصيلين أحدهما حشر النفوس التي لم تبلغ مرتبة العقل بالفعل؛ وثانيهما أنّ الحشر بالمعادين أي الجسمانى والروحانى معا. وقد نطق ببعض الإشارات إلى حشر تلك النفوس العين الثانية والعشرون من كتابنا سرح العيون في شرح العيون ، وبالكلام في المعادين العين التاسعة والخمسون منه.
تبصرة : أدلة تجرّد الخيال تثبت حشر النفوس التي لم تبلغ مرتبة العقل بالفعل ، وهذا كلام كامل رصين معاضدة بالنصوص الواردة على حشر النفوس مطلقا. ونحن نزيد ونقول انّ لها مع ذلك تكاملا برزخيا أيضا والتكامل البرزخى ينبّه عليه في العين الخامسة والخمسين من كتابنا عيون مسائل النفس وشرحها سرح العيون في شرح العيون ، ثمّ إنّ النكتة ٣٣٧ من كتابنا ألف نكتة ونكتة حائزة لمطالب أصيلة في ذلك.
تبصرة أخرى : هاهنا أدلة أخرى تثبت تجرّد النفس عقليا وخياليا معا. منها البراهين الثلاثة : السادسة والسابعة والثامنة من نفس الشفاء كما يأتى بيانها عن قريب.