جسم واحد فكأنّهما حلّتا في الجسمين فإنّ ملاك امتناع الاجتماع هو اجتماعهما في محل واحد جسمانى ، والنفس إذا استحضرت الصورتين بالانتزاع أو الانشاء والانتشاء لتقضى عليهما بالتضادّ ونحوه فهما حاضرتان معا عندها بلا تفرقة وبينونة ، والمنازع مكابر مقتضى عقله.
تبصرة : المحقق الطوسى في تجريد الاعتقاد ذكر سبعة أوجه في تجرّد النفس ، وسابعها قوله «وهي جوهر مجرّد ... لحصول الضدّ» (ط ٧ ، ص ٢٨١ بتصحيح الراقم وتعليقاته عليه) فما يخطر لنا في معنى قوله هذا هو أنّ المراد من حصول الضدّ هو اجتماع الضدّين على هذا الوجه الذي كلامنا فيه في هذه الحجة؛ وأما الشارح العلّامة فحمل قوله هذا على وجه آخر حيث قال.
وتقريره أنّ القوة الجسمانية مع توارد الأفعال عليها وكثرتها تضعف وتكلّ لأنّها تنفعل عنها ، ولهذا فإنّ من نظر طويلا إلى قرص الشمس لا يدرك في الحال غيرها إدراكا تامّا والقوى النفسانيّة بالضدّ من ذلك ، فإنّ عند تكثر التعقّلات تقوى وتزداد ، فالحاصل عند تكثر التعقلات تقوى وتزداد ، فالحاصل عند كثرة الأفعال هو ضدّ ما يحصل للقوّة الجسمانية عند كثرة الأفعال ، فهذا ما خطر لنا في معنى قوله رحمة اللّه : ولحصول الضدّ.
تبصرة أخرى : قد أشرنا آنفا إلى أنّ هذه الحجة التي نبحث عنها دالّة على تجرّد النفس بأنحائه الثلاثة ، أمّا على نحوى تجرّد الخيال والعاقلة فقد أفاد المتأله السبزوارى في منظومته المسماة بـ ـ غرر الفوائد في فنّ الحكمة وقد جعل الحجة الدليل التاسع منها ، بقوله :
والتاسع قولنا : لها أي للنفس حاصل بلا تزاحم وتمانع كل الصور. بيانه : أنّ النفس مجمع كلّ صور الموجودات ومزدحم المتقابلات ففي مقام العاقلة مجمع الصور الكليّة والمجرّدات ، وفي مقام الخيال معترك صور السماوات والأرضين والجبال والبلدان والأشخاص وبالجملة صور جميع المحسوسات ومثل المتقدّرات ، كل ذلك بهيئاتها ومقاديرها بلا تدافع بين متقابلاتها؛ بل مورد للصور الغير الإدراكية من الميول