«كيف تتوهم هذه الماهية القدسية جسما وإذا طربت طربا روحانيا تكاد تترك عالم الأجساد وتسترط عالم ما لا يتناهى؟!».
أقول : هذه الحجة قد نقلها الشيخ البهائى عنه في الدفتر الرابع من كشكوله (ص ٣٩٨ ، ط ١). وعبارتها في النسخ مختلفة ففي طبع مصر (ص ١٣ ، ط ١٣٣٥ هـ) كيف يتصوّر الإنسان ... جسما وهي إذا طربت ... عالم الأجسام وتطلب عالم ما لا يتناهى.
وفي نسخة مخطوطة عندنا من شرح الهياكل للدوانى مطابقة لما اخترناها إلّا أنّ فيها : «كيف يتوهّم الإنسان هذه الماهية ... عالم الأجسام ويطلب عالم ما لا يتناهى» مكان «ويسترط عالم ما لا يتناهى» ؛ وقال في الشرح : «وفي نسخة أخرى يسترط» يعنى جاء في نسخة أخرى مكان يطلب ، قوله «يسترط».
وعبارتها في الكشكول هكذا :
وكيف تتوهّم هذه الماهية القدسيّة جسما والحال أنّها إذا طربت طربا روحانيا تكاد تترك عالم الأجساد وتطلب عالم ما لا يتناهى كما يشهد أرباب الشهود.
والزيادات في الكشكول كلّها في شرح الدوانى من عبارات الشرح.
قوله : «ويسترط عالم ما لا يتناهى ...» أى يبتلعه ، يقال سرطه كطلب وفرح ، واسترطه أى ابتلعه.
والحجة متقنة غاية الإتقان؛ وفي الاستراط إيماء إلى أنّ للنفس فوق مقام التجرّد ، وكأنّه ناظر إلى قوله (علت كلمته) : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) ، فافهم. وأنّى للجسم هذه الشأنيّة الكبرى وهو مسجون في القيود والحدود والأحياز والعوارض والعلائق؟!.
ونسخة الهياكل الفارسية ترجم الاستراط ، حيث قال :
وچگونه جسم تواند بود كه گاه باشد كه در طرب آيد وخواهد كه عالم اجسام را فرو برد وطلب عالم بىنهايت كند. (ص ٨٧ ـ ط ايران).
تبصرة : الحجة المذكورة قريبة ممّا أتى به المعلّم الفارابى في الفص الحادى والثلاثين من فصوصه حيث قال :