غير متناهية الأفراد وهو بوحدته كلّها لأنّه مقام الكثرة في الوحدة له ، وهي مقام الوحدة في الكثرة له ، فذلك الوجود حقيقته وهذه الوجودات رقائقه وتنزلاته بلا تجاف عن الجبروت لأنّه لسعته لا يسعه الناسوت فهو كاللّف وهي كنشره ، وكالرتق وهي كفتقه (أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما) واذا أدركت كليا عقليا فقد شاهدت وجودا محيطا وأحاطت بجميع رقائقه المثالية والطبيعية الماضية والمستقبلة والحالية لأنّ ماهيته وماهيتها واحدة إذ الأشياء تحصل بأنفسها في الذهن والفرض وجدانك ماهيتها وعنوانها المطابق لكونك حكيما عالما بالحقائق متصورا إيّاها بالحدود والرسوم ، ووجوده النحو الأعلى الأتم لوجودها وكل بسيط الحقيقة كل ما دونه ، والوجود أي مرتبة منه مع المراتب الأخرى منه سنخ واحد ما به الامتياز فيه عين ما به الاشتراك ولهذا كان الصورة العقلية علما بكلّها. ولو لا اتصالك بل اتحادك بهذه الوجودات المحيطة الواحدة بالوحدة الجمعية لطال الأمر عليك بل تعذر معرفة الجزئيات لحاجتك إلى استيناف نظر في كل واحد واحد لتعرفها وتعرف أحكامها ، والجزئى لا يكون مكتسبا كما لا يكون كاسبا بخلاف الكلى فإنّه نور يسعى بين يدى عقلك يهديه ويقوده إلى معرفة أحكام ذاتها وصفاتها. فعليك بمزاولة إدراك الكليات والانسلاخ عن الجزئيات لأنّ كمال النفس بمعرفة الكليّات وتعقّلها لا بادراك الجزئيات بل تلك جنبة غنائها ، وهذه جنبة فقرها إلى البدن وقواه. وهذا نقص عظيم إلّا في الابتداء ليكون ذريعة إلى نيل الكلّيات بالعنوانات المطابقة كما هو شأن الحكيم المنطبق للوضع مع الطبع وإن فقد حسّا فقد علما. ثمّ إنّ الكلّية العقلية في المعقول باعتبار سعة وجوده وحيطته وعدم تناهيه مدة وشدّة بالنسبة إلى وجود رقائقه ، وأمّا عدة فهو باعتبار حصصه الغير المتناهية في أفراده الغير المتناهية ، والحصص وإن استعملت في المشهور في الكلى الطبيعى إلّا أنّا أردنا بها الدرجات الوجودية النازلة إذ الكلام في الكلى العقلى وهذا هو مرادنا بتمام المشترك في الشرح.
وبوجه آخر أقول : للنفس تعقلات غير متناهية ، وإحاطة بعلوم غير متناهية العدد في