المعقولة» إلى كمالاتها الذاتية الباقية معها ببقائها التي بها استدل على امتناع انطباعها في الجسم. وبقوله «بل انّما هي ذات آلة بالجسم» إلى كيفية ارتباطها بالجسم على وجه لا يلزم منه احتياجها في وجودها وكمالاتها المذكورة إليه. ثمّ جعل قوله «فاستحالة الجسم عن كونها آلة لها لا تضرّ جوهرها» ، تاليا لما وضعه بعد لفظة «لمّا». وأتمّ مقصوده بقوله «بل يكون باقيا بما هو مستفيد الوجود من الجواهر الباقية» وذلك لوجوب بقاء المعلول مع علته التامّة. فهذا برهان لمى هو عمدة براهين هذا الباب على ما ذكره الشيخ أبو البركات البغدادى.
واعلم أنّ إسناده حفظ العلاقة مع الجسم هاهنا إلى الجسم ليس بمناقض لإسناده حفظ المزاج الذي هو سبب العلاقة في النمط الثالث إلى النفس ، لأنّ النفس كما كانت حافظة لها بالذات فالجسم حافظ أيضا ولكن بالعرض. وذلك لأنّ فساد المزاج المقتضى لقطع العلاقة إنّما يتطرّق من جهة الجسم وعوارضه ولذلك أسند استحالة البدن عن كونه آلة للنفس إلى الجسم ، وعدم تطرق الفساد إلى الشيء ممّا من شأنه أن يتطرق منه الفساد حفظ ما لذلك الشيء لكنه حفظ بالعرض ، ثمّ إنّ الشيخ أكّد هذا المطلوب بما أورده بعد هذا الفصل. انتهى.
هذا تمام كلام المحقق الطوسى في شرح ذلك الفصل من الإشارات.
فأقول : قوله : «على بقائها بعد الموت كذلك» يعنى بقاء النفس الناطقة بعد الموت مع كمالاتها الذاتية. والكمالات الذاتية نحو شعورها بذاتها فانّها كغيرها من الجواهر المجرّدة عقل وعاقل ومعقول وهذا لا كلام فيه. ولكن عمدة النظر في بقائها مع كمالاتها المكسوبة بل مع ملكاتها المكتسبة أيضا كما قد أشار المحقق الشارح في صدر شرح النمط السابع إلى أنّ المسألة الأولى في وجوب بقاء النفوس الإنسانية بعد تجرّدها عن الأبدان مع ما تقرر فيها من المعقولات؛ والشيخ ينكر بعد هذه المسألة اتحاد العاقل بمعقولاته فيسأل عن كيفية تقرر تلك الكمالات والملكات فيها وما بيان ذلك والشيخ لم يبيّن ذلك في الإشارات بل في الشفاء أيضا. ولا محيص في بيان ذلك وفي الجواب عن السؤال إلّا بذلك الاتحاد ، كما قد استبصر الشيخ آخر الأمر وأقرّبه