ناقصا وهى له من
خارج ومكتسبة قالوا هى له من ذاته وأنها صفات له ، ولم يعلموا أن ذاته فعالة
للأشياء بآنية وأنه أرفع مما ذهبوا إليه.
من خواص ممكن الوجود بذاته أنه يحتاج
إلى شىء واجب وجوده حتى يوجده وإذا وصف الأول بأنه قادر على ما يقولونه وهو أنه ما
يصح أن يصدر عنه الفعل أو أنه إذا شاء فعل ، فقد شبهوه فى هذه القدرة والمشيئة
بالإنسان ، إذ هو قادر على أن يفعل إذا شاء ومعناه أنه يفعل بسبب داع يدعوه إليه ،
وأنه يفعل إذا كان سبب مرجّح ولا يخلو البتة عن القوة فلا يكون بالفعل قادرا. ولا
يغنى عنهم قولهم : إنه قادر لذاته لا بقدرة. فليس معنى القادر عندهم إلا ما ذكر. وإذا
كان الأول واجبا بذاته وجعل القدرة له بالامكان فقد صار شيئا واحدا واجبا وممكنا ،
أو يكون الإمكان صفة لواجب الوجود بذاته ، وهذا محال. فيجب أن يكون كل شىء فيه
واجبا وبالفعل ، لأنه واجب الوجود بذاته ، ونحن إنما نعنى بقولنا أنه قادر بالفعل
أن قدرته علمه ، فهو من حيث هو قادر عالم أى علمه سبب لصدور الفعل عنه ، وليست
قدرته بسبب داع يدعوه إليه ، فقدرته علمه.
معنى القادر عندهم هو ما يجوز أن يصدر
عنه الفعل.
كل ما كان ممكن الوجود بذاته فإنه يوجد
بغيره لا محالة ، ولا يصح وجوده بذاته وما دام ممكن الوجود بغيره لا يكون موجودا ويكون
ممكن الوجود بغيره فإذا زال إمكان وجوده بغيره صار موجودا ، إلا أن إمكان وجوده
بذاته لا يزول عنه البتة لأن ذلك له بذاته وإمكان وجوده بغير هو بعلة ، ولا يكون
له من ذاته ، فيصح أن يزول هذا الإمكان عنه إذ ليس له ذلك من ذاته.
النفس مضطرة فى صورة مختارة ، وحركاتها
تسخيرية أيضا كالحركة الطبيعية فإنها تكون بحسب أعراض ودواع فهى مسخرة لها. إلا أن
الفرق بينها وبين الطبيعية أنها تشعر بأغراضها ، والطبيعة لا تشعر بأغراضها ، والأفعال
الاختيارية فى الحقيقة لا تصح إلا فى الأول وحده ، وحركة الأفلاك تسخيرية إلا أنها
ليست بطبيعية فإن الحركات الطبيعية تكون على سبيل اللزوم ، وما يلزم سببا ليس يلزم
نقيضه أيضا فى حالة واحدة والمحرك فى الفلك يحرّك من نقطة إلى تلك النقطة بعينها ،
فهى ترك موضع وقصده معا.
عند المعتزلة أنّ الاختيار يكون بداع أو
سبب ، والاختيار بالداعى يكون اضطرارا ، واختيار البارى وفعله ليس لداع.