الجهات المختلفة ، كالقيام والقعود ، ومثل اليد والرجل والرأس وسائر الأعضاء ، وأوضاعها عند الجهات ، مثل اليمين والشمال ، والسفل والعلو ، والقدام والخلف ، فإنه إذا كان بحال : يقال له قائم ، وإذا كان بحال أخرى : يقال له قاعد. والفرق بين الإضافة وبين النسب الأخرى هو أن معنى الإضافة يكون من حصول نفس كون ذلك الشىء بنسبته إليه ، فإن الأبوة من نفس وجود البنوّة ، وتحصل من نفس كونها. وحصول الأين لا يكون من نفس حصول الزمان. ـ و«أن يفعل» الشىء ، و«أن ينفعل» ، وهما المقولتان ، فأن يفعل وينفعل جزءان لهما. فأما «يفعل» فهو نسبة الشىء إلى ما يؤثر فيه تأثيرا على سبيل تخريجه إلى الفعل من القوة لا دفعة بل بالتدريج. وكذلك «أن ينفعل» هو نسبة المتأثر عن هذا التأثير المذكور.
المعدوم الذات ، الممتنع الوجود ، لا يكون شيئا ، فلا يحكم عليه بحكم وجودى أو بحكم على الإطلاق. إلا أن هذا القول ، وهو أنه معدوم الذات ، كان فيه إشارة إلى موجود ، وهذا هو بحسب اللفظ. فأما بالحقيقة ، فلا إشارة إليه بوجه. فالموجودات إذا : إما أن تكون واجبة الوجود ، وإما ممكنة الوجود. والواجب الوجود إما بذاته وإما بغيره ، والذي هو بذاته فالإله ، والذي هو بغيره فعلّته واجب الوجود بذاته ، وهو فى ذاته ممكن الوجود وبغيره واجب الوجود. وقد يكون بغيره أيضا ممكن الوجود إذا لم توجده علته. فإذا أوجدته صار به واجب الوجود وقد زال إمكان وجوده بغيره ، إلا أن إمكان وجوده بذاته لم يزل عنه إذ ذاك حقيقته وجوهره ، والجوهرية لا تبطل البتة ، إذ لا يتغير الشىء عن جوهره وحقيقته. والممتنع الوجود لا ذات له ، فلا حكم عليه. ولا يصح أن يوصف بأن له علة البتة ، إلا أن يكون معدوما لا على الإطلاق بل معدوما فى قوته أن يوجد ، وهذا هو الممكن ، فيكون حينئذ علة عدمه عدم علة وجوده. وبالجملة فالضرورى لا علة له ، وهو إما أن يكون واجب الوجود فلا علة لوجوده ، أو واجب العدم فلا علة لعدمه. وكما أن الضرورى العدم لا يوجد البتة ، كذلك الضرورى الوجود لا يصح أن يعدم البتة ، لأن الشىء لا يتغير عن حقائقه وجوهريته. وإذا قيل إنه يعدم لا من ذاته بل من خارج ، كان هناك قبول لذلك التأثير لا محالة. وواجب الوجود كله فعل ، ولا قوة فيه البتة ، فواجب الوجود معنى بسيط. لا يصح عليه الانقسام فى معناه ولا فى موضوعه ، ولا يصح أن يكون من وجه واجب الوجود ، ومن وجه غير واجب أى أن يكون فيه فعل وقوة معا ، إذ لا حد هناك ولا انقسام. والمفارقات وإن كان