والمعقول إذا حصل فى شيء صار للشيء به عقل؛ والبارى والعقول لما كان دائم الوجود كان كل شىء يعقله دائم الوجود لأنه يصير صورة لعقله.
المعقولات إنما تحصل فينا من خارج لا من ذاتنا.
قصد الكواكب والأفلاك أن تكون على كماله الأفضل ليكون متشبها بالبارى ، فتبع ذلك حركته ولزمته ، ثم لزم عن حركته وجود هذه الكائنات فهى إذن بالقصد الثاني.
الأول لما كان كامل الذات عالما بكماله ومجده وأنه يفيض عنه وجود ما بعده كان وجوده عنه على سبيل اللزوم.
الكواكب لما كانت كاملة فى كل شيء إلا فى وضعها وأينها وأرادت الاستكمال ليكون لها التشبّه بالأول لزمتها ضرورة الحركة. فالحركة هى استكمال لها ، وهذه الحركة شبيهة بالثبات فى أنها نفس الكمال المطلوب لا أنها توصلها إلى ثبات كما فى الأمور الطبيعية.
تشبه الأفلاك بالأول هو أن تحصل على كمال يليق بها فتستتبع ما بعدها لا أن ما بعدها يفيدها كمالا. فإن الأوّل ليس يستفيد كمالا مما بعد. إنما هو فى ذاته كامل تام معشوق عاقل لذاته. إن له المجد والعلو ، وإن ما بعده تابع لمجده وعلوه ، وإنه خير ، وأن ما بعده تابع لخيريته ، لا أن الخيرية شيء غير ذاته. وفيما بعده يحصل له الكمال من الأول حتى يكون متشبها به على هذه الصفة وهى أن يلزم عنها ما بعده. والخير يفيد الخير لا على سبيل قصد ، بل على أنه لازم عنه لأن ذاته خير ، فما يلزم عنه يجب أن يكون خيرا وإن كان على سبيل قصد كما نقصد نحن فعل خير لنستكمل به يكون خيرنا الذي نقصد الاستكمال به لازما لخيرية فعلنا ومعلولا له.
اختلاف الأفعال يكون باختلاف الأغراض ، والغرض فى النفوس السماوية واحد فلذلك لا تختلف حركاتها والغرض هو التشبه بالأول فيكون أبدا على نظام واحد ونهج واحد (٣٥ ا).
كل ممكن الوجود إما أن يمكن وجوده فى غيره أو يكون ممكن الوجود فى ذاته ، والذي يمكن وجوده فى غيره يكون إمكان وجوده فى ذلك الغير عند تخصصه ، والذي هو ممكن الوجود فى ذاته لا يصح أن يكون إمكان وجوده فى غيره لأنه ليس أن يعرض إمكان وجوده لشيء أولى من أن يعرض لشيء آخر ، فإذن هو قائم بذاته. فهو جوهر لكن معنى إمكان الوجود معنى مضاف فيكون إمكان الوجود له وجود آخر وهو أنه