قوله : (المشهور). إلى آخره.
أقول : أجمع جميع علماء الإسلام على كون الصلاة في المكان المغصوب حراما ، أعمّ من أن تكون الصلاة واجبة أو مستحبة ، لكونها تصرّفا في ملك الغير بغير إذنه ولا أذن الشرع في كلّ ما هو كذلك ، فهو حرام بالنصوص والإجماع ، بل ضرورة الدين.
فلا بدّ أن يكون مملوكا عينا ، أو منفعة ، أو مأذونا فيه شرعا ، وأجمع الأصحاب والمعتزلة على بطلانها أيضا إذا كان غير مملوك ، ولا مأذون فيه شرعا.
وأمّا الأشاعرة فحكموا بصحّتها ، وإن كان حراما عندهم أيضا ، لأنّهم يجوّزون كون الفعل الواحد الشخصي الذي جزئي حقيقي مطلوبا من جهة ، ومبغوضا من جهة ، لما رأوا من اجتماع المطلوب والمبغوض في الخياطة في المكان الذي نهى المولى عن كون عبده المأمور بخياطة ثوبه منه فيه ، بأن قال له : اختط لي ثوب كذا ، ولا تكن في مكان كذا ، فاتّفق أنّه خاطه في ذلك المكان (١).
وهذا غفلة منهم لأنّ متعلق الأمر هنا الثوب المخيط لا الخياطة ، وإن علّقه عليها لفظا.
فالوجوب المفهوم منه وجوب توصّلي ، كالأمر بقطع المسافة إلى درك الحجّ ، ومثل هذا الوجوب يجتمع مع الحرمة اتفاقا ، لأنّه وجوب شرطي وتوصّلي ، لا أنّه وجوب شرعي ومطلوب في نفسه.
والوجوب الشرطي والتوصّلي لا مطلوبية فيه ، ولذا وقع النزاع في أنّ مقدّمة الواجب المطلق واجب أم لا.
__________________
(١) المجموع للنووي : ٣ / ١٦٤ ، لاحظ! الخلاف : ١ / ٥٠٩ المسألة ٢٥٣.