قوله : (يعرف سمت). إلى آخره.
قد ثبت أنّ القبلة عين الكعبة للقريب ، والمتمكّن من العلم ، أو الظنّ بها ، وجهتها للبعيد لغير المتمكّن ، لقوله تعالى (شَطْرَهُ) (١) ، والشطر هو السمت والجهة معنى.
وهذا معنى لغوي وعرفي ، فما يعد في العرف جهتها ، يكفي لصحّة الصلاة ، ويكون داخلا فيما يجب استقباله في الفريضة وغيرها ، وهي مختلفة بالنسبة إلى الأطراف من البلدان والقرى والمواضع.
فمتى حصل اليقين بالجهة المذكورة ـ كما هو حال القريبين إلى مكّة ، ومن كثر تردّده إليها ، وتفرّسه وتأمّله وتفطّنه بها من القريبين ، وما قارب القريبين على تفاوت المقاربة ، بحسب تفاوت مراتب الممارسة والتفطّن والتأمّل ـ يجب عليه اتّباعه لعلمه ، وإن لم يحصل العلم يجب حينئذ التحرّي ، وأخذ ما هو أحرى في الظنّ أن يكون جهة وجعله قبلة ، لما ورد عنهم عليهمالسلام «يجزي التحرّي أبدا ، إذا لم يعلم أين وجه القبلة» (٢).
فالأصل هو العلم بأيّ نحو يتحقّق ، وبعد العجز العمل بما هو أقوى في النظر كونه قبلة أي جهتها ، وأسباب الظنّ والتحرّي أيضا غير مختصّة بشيء دون شيء ، إلّا أنّ الأحرى والأقوى هو المتّبع.
وهذا كما أنّه مدلول ما ورد عنهم عليهمالسلام موافق للقاعدة في موضوعات الأحكام في الموضع الذي يجب الأخذ به مطلقا ، أي وإن كان ظنّا ، والمقام منه
__________________
(١) البقرة (٢) : ١٥٠.
(٢) الكافي : ٣ / ٢٨٥ الحديث ٧ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٤٥ الحديث ١٤٦ ، الاستبصار : ١ / ٢٩٥ الحديث ١٠٨٧ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٠٧ الحديث ٥٢٢٧.