أقول : الاستصحاب حجّة عند الفقهاء ، ومدارهم في الفقه عليه ، كما لا يخفى.
مع أنّ الصحاح والمعتبرة الدالّة ، على عدم جواز نقض اليقين بالشكّ أبدا (١) وغير ذلك ، لا تأمّل في دلالتها وحجيّتها. وبسطنا الكلام في ذلك في رسالة منفردة (٢).
بل الظاهر أنّه لا يمكن رفع اليد عنه في موضوعات الأحكام ، وإثبات اصطلاح زمان المعصوم عليهالسلام وغير ذلك ، سيّما أصالة العدم ، ولذا اختار حجّيتها فيها الأخباريون أيضا ، مع أنّك عرفت أنّ الشكّ في الشرط يقتضي الشكّ في المشروط (٣) ، فلا يتحقّق الامتثال بالتقريب الذي عرفت.
وما أجاب في «الذخيرة» : بأنّ لفظ «الميتة» لا عموم فيه ، فينصرف إلى ما هو المتبادر ، وهو ما علم كونه ميتة (٤) ، انتهى. لا يخفى فساده لما عرفت ، من أنّ لفظ «الميتة» اسم لما خرج عنه الروح ، من غير تذكية شرعيّة ، من دون مدخليّة علم ومعرفة أصلا.
وأمّا الصحاح المذكورة (٥) ؛ فلا تدلّ إلّا على جواز الصلاة فيما اشترى من سوق المسلمين ، ولا نزاع فيه ، لأنّ الأصل صحّة تصرّفاتهم في أمثال ما ذكر ، وإنّ ما يؤخذ من المسلم من سوق المسلمين يحكم بتذكيته شرعا.
ويدلّ على ذلك كون المدار في الأعصار والأمصار على ذلك ، وأمثال ذلك
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٢٧٠ من هذا الكتاب.
(٢) الرسائل الاصوليّة (رسالة الاستصحاب) : ٤٣٧ ـ ٤٤٣.
(٣) راجع! الصفحة : ٢٧٠ و ٢٧١ من هذا الكتاب.
(٤) ذخيرة المعاد : ٢٣٢.
(٥) راجع! الصفحة : ٢٧٢ من هذا الكتاب.