حيضا في المعنى ، إلّا ما خرج بالدليل ، وأنّ الحيض مع كونه أغلب تحقّقا منهما بمراتب لم يكن داخلا في الإطلاقات ، فهما بطريق أولى ، فتأمّل!
فاستشكال بعض المعاصرين في الإلحاق ، واختياره عدمه ، مستدلّا بعموم أخبار العفو (١) ، ليس بشيء.
وألحق القطب الراوندي وابن حمزة دم نجس العين بالدماء الثلاثة (٢) ، وهو خيرة الفاضلين والشهيدين (٣) ، بل وغيرهم أيضا (٤) ، ومنعه ابن إدريس ، بل ادّعى أنّه خلاف إجماع الإماميّة (٥).
والأقرب الأوّل ، للقاعدة المسلّمة المذكورة ، ولعدم العموم فيما دلّ على العفو بحيث يشمل لما نحن فيه ، لانصراف الإطلاق إلى الشائع الغالب ، بل هذا أندر من الدماء الثلاثة ، كما هو معلوم جزما.
مع أنّ دم نجس العين بملاقاته إيّاه يتنجّس بالنجاسة العرضيّة ، وقد عرفت حال مثله ، وأنّ الظاهر أنّ ما دلّ على العفو من الدم الذي لم يلاق نجسا.
فما في «المدارك» و «الذخيرة» من أنّ شمولها لدم نجس العين يجري مجرى النطق به (٦) ، محلّ نظر ظاهر.
وأمّا الإجماع الذي نقله ابن إدريس ؛ فقد عرفت مرارا أنّ إجماعاته ربّما لا تخلو عن وهن ما ، سيّما هذا.
__________________
(١) الحدائق الناضرة : ٥ / ٣٢٦.
(٢) نقل عن القطب الراوندي في مختلف الشيعة : ١ / ٤٧٦ ، الوسيلة إلى نيل الفضيلة : ٧٧.
(٣) المعتبر : ١ / ٤٢٩ ، مختلف الشيعة : ١ / ٤٧٦ ، البيان : ٩٥ ، الدروس الشرعيّة : ١ / ١٢٦ ، روض الجنان : ١٦٦.
(٤) جامع المقاصد : ١ / ١٧٠ ، التنقيح الرائع : ١ / ١٤٩.
(٥) السرائر : ١ / ١٧٧.
(٦) مدارك الأحكام : ٢ / ٣١٦ ، ذخيرة المعاد : ١٦٠.