وبالجملة ، لما كان الحال حال السفر ، فلا يقاوم هذا الظاهر جميع ما ذكر من الأدلّة للمذهبين الأخيرين ، سيّما المذهب الثالث ، لأنّ حال السفر يصير العذر غير مرجوّ الزوال ، لا يكون فيه استبعاد ، مع أنّ مراعاة التقيّة فيه أشدّ ، كما لا يخفى.
وأمّا التعليل بقوله عليهالسلام : «إنّ الله جعل» (١). إلى آخره ، فقد ظهر الجواب عنه.
وكيف كان ، لا شكّ في أنّ العمل على وفق القول الأوّل لا غير ، إلّا أن يلزم حرج وعسر منفي ، كما هو الحال في المرضى في مثل صلاة المغرب والعشاء ، وغيرهم من أصحاب الأعذار ، إلّا أن يقتضي نقصا في الصلاة في واجب من واجباتها ، جزءا كان أو شرطا ، لعموم دليل وجوبه وعدم ما يقتضي رفع اليد عنه ، لما عرفت من أنّ الظاهر أنّ مراد القائل حال عدم مفسدة. وكذا الحال في الأدلّة.
مع أنّ التأخير لأجل مراعاة المائية التي تكون الترابية بمنزلته. وأين هذا من رفع اليد عن جزء الصلاة أو شرطها ، الذي لا ينوبه شيء ، سيّما أن يكون الجزء ركنا ، وسيّما أن يكون التالف أركانا متعدّدة.
فروع :
الأوّل : لو تيمّم لصلاة في ضيق وقتها ثمّ دخل وقت صلاة اخرى ، فهل يجوز أداؤها في أوّل وقتها على القول بالتضييق؟ قيل : نعم ، ونسب إلى «المبسوط» (٢).
واختاره في «المدارك» و «الذخيرة» (٣) ، لأنّ المانع كان الأخبار الدالّة على التأخير ، وهي لا تتناول المتيمّم ، فتبقى العمومات بحالها.
ويؤيّده ما ورد من أنّ الرجل يصلّي بتيمّم واحد صلاة الليل والنهار ما لم
__________________
(١) مرّ آنفا.
(٢) نسب إليه في ذخيرة المعاد : ١٠١ ، لاحظ! المبسوط : ١ / ٣٣.
(٣) مدارك الأحكام : ٢ / ٢١٢ ، ذخيرة المعاد : ١٠١.