فالظاهر من الأخبار الوجوب من حين وقوع الجنابة إلى أن يتضيّق الوقت بمقدار فعل الغسل وما يتوقّف عليه (١) ، فالتخصيص بوقت دون وقت لا وجه له.
وأنكر هذا المعنى في «المدارك» ، لأنّه بعد ما نقل عن المقدّس رحمهالله ما ذكرنا قال : وكأنّه أراد به الوجوب الشرطي ، وإلّا فالوجوب بالمعنى المصطلح منتف على هذا التقدير قطعا (٢) ، انتهى.
ومراده من هذا التقدير القول بالوجوب للغير لا لنفسه ، ونظره إلى أنّه لا معنى لوجوب شيء لغيره ولما يجب ذلك الغير.
وفيه ، أنّه لا معنى للوجوب الشرطي لشيء ولما يجب مشروطه أو لم (٣) يتحقّق ، وعلى أيّ تقدير هو فرع وجود المشروط ، وهو (٤) رحمهالله سلم ذلك في الوجوب الشرطي ، فلا فرق بينه وبين الوجوب الغيري.
على أنّه لو تمّ هذا لزم عدم وجوب الغسل للصوم الواجب إلّا بعد دخول وقت ذلك الصوم ومضي مقدار تحقّق الغسل ومقدّماته ، فيلزم أن لا يكون الغسل من الجنابة ـ مثلا ـ واجبا ، لأجل الدخول في الصوم وللإصباح فيه متطهّرا ، وهو خلاف إجماع جميع الفقهاء سوى ظاهر الصدوق ومن وافقه ممّن يقول بعدم وجوب غسل للصوم أصلا (٥).
وبالجملة ، وجوبه لأجل الدخول فيه متطهّرا يقتضي وجوبه قبل وجوب الصوم قطعا. فيلزم فساد دعوى القطع الذي ادّعاه ، ويوجب القطع بفساده ،
__________________
(١) وسائل الشيعة : ١٠ / ٦٠ الباب ١٤ ، ١٦١ الباب ١٥ من أبواب ما يمسك عنه الصائم.
(٢) مدارك الأحكام : ١ / ١٧.
(٣) في (د ٢) : لما.
(٤) في (ف) و (ز ١) و (ط) : والمصنّف.
(٥) المقنع : ١٨٩ ، زبدة البيان : ٢٣٩.