بالاحتياط ، وأمّا وجوب الغسل بالبلل فلا.
قال في «الذخيرة» : ويرد عليهم عمومات الروايات من غير تفصيل ، وانتفاء الفائدة ممنوع ، إذ عسى أن ينزل ولم يطّلع عليه ، أو احتبس شيء في المجاري ، لأنّ الجماع مظنّة نزول الماء (١) ، انتهى.
أقول : الأخبار مطلقة ، والمطلق لا ينصرف إلّا إلى الأفراد الشائعة ، والغالب في الجماع خروج المني البتة ، مع أنّه إذا لم يخرج ، فالغالب عدم الخروج بعد ذلك ، لأنّ الغالب والمتعارف عدم التخلّف عن علّته ، كما هو مشاهد ومحسوس.
وعلى فرض التخلّف لا يكون بللا مشتبها ، لأنّ المني بحسب الغالب والمتعارف يخرج بشهوة ودفق.
فكيف لا يتفطّن بهما ، مع أنّ مني المريض لا يكون خاليا عن الشهوة فكيف إذا كان صحيحا؟
نعم ، إذا خرج المني كلّه فربّما يبقى في المجاري أثر منه وشائبة ، وشيء قليل غاية القلّة مثل رأس الإبرة أو أنقص منه ، أو أزيد بقليل ، وهذا لا يحس منه شهوة ولا دفق قطعا ، ولا يتحقّق هذا قبل الإنزال ، لأنّه إذا خرج خرج بدفق وكثرة.
ومن هذا لو خرج من الذكر رطوبة قبل الإنزال والخروج بالدفق والشهوة يحكم بكونه غير مني البتة ، ولم يحتمل أحد كونه منيا أصلا ، ولم يقل أحد بحسن الاحتياط من جهتها ، وينفون الاحتياط أصلا ورأسا ، وكذا الحال بالنسبة إلى الأخبار ، حتّى أنّه لو رأى في المنام أنّه يجامع ، ووجد اللّذة ، فاستيقظ ولم ير شيئا ، أو رأى (٢) ، لكن رأى رطوبة قليلة على رأس ذكره ، أو غير ذلك ، لم يكن عليه الغسل بوجه ، وبمجرّد وجدان رطوبة لا يصير جنبا بلا شبهة ، ولم يقل أحد
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٥٨.
(٢) في (ك) زيادة : بللا.