(إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ). قال قتادة : في هذه الآية كان يقال : خير الرزق ما لا يطغيك ولا يلهيك ، وذكر لنا إنّ نبي الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أخوف ما أخاف على أمتي ، زهرة الدّنيا وكثرتها (١)» [١٨٣].
أخبرنا الحسين بن محمد بن فنجويه ، حدثنا عبد الله بن محمد بن شنبه ، حدثنا أبو جعفر محمد بن الغفار الزرقاني ، حدثنا محمد بن يحيى الأزدي ، حدثنا أبو حفص عمر بن سعيد الدمشقي ، حدثنا صدقة بن عبد الله ، حدثنا عبد الكريم الجزري ، عن أنس بن مالك ، عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عن جبريل عليهالسلام ، عن ربّه عزوجل قال : «من أهان لي وليّا ، فقد بارزني بالمحاربة ، وإنّي لأسرع شيء إلى نصرة أوليائي ، وإنّي لأغضب لهم كما يغضب الليث الحرد ، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ، ترددي عن قبض روح عبدي المؤمن ، يكره الموت وأنا أكره إساءته ، ولا بد له منه ، (٢) فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ولسانا ويدا ومؤيدا ، إن سألني أعطيته وإن دعاني استجبت له وإنّ من عبادي المؤمنين لمن يسألني الباب من العبادة ، ولو أعطيته إياه دخله العجب فأفسده ، وإنّ من عبادي المؤمنين ، لمن لا يصلحه إلّا السقم ولو صححته لأفسده ذلك ، وإنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلّا الصحّة ، ولو أسقمته لأفسده ذلك ، وإنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلّا الغنى ولو أفقرته لأفسده ذلك ، وإنّ من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلّا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك. إنّي أدبر عبادي لعلمي بقلوبهم إنّي عليم خبير» (٣).
قال صدقة : وسمعت أبان بن أبي عياش يحدث بهذا الحديث ، عن أنس بن مالك ثمّ يقول : اللهمّ إنّي من عبادك المؤمنين الّذين لا يصلحهم إلّا الغنى فلا تفقرني.
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ) يعني المطر ، سمي بذلك لأنّه يغيث النّاس أي يجيرهم ويصلح حالهم.
قال الأصمعي : مررت ببعض قبائل العرب وقد مطروا ، فسألت عجوز منهم ، كم أتاكم المطر؟ فقالت : غثنا ما شئنا.
(مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) ويبسط مطره نظيره قوله : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) (٤).
أخبرنا شعيب بن محمد ، أخبرنا أبو الأزهر ، حدثنا روح ، حدثنا سعيد ، عن قتادة قال :
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ٢٥ / ٤٠.
(٢) في المصدر : وما تقرب إلي عبدي المؤمن بمثل أداء ما افترضت عليه وما يزال عبدي المؤمن يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه.
(٣) تفسير القرطبي : ١٦ / ٢٨.
(٤) سورة الأعراف : ٥٧.