المهينين ما لهم لزمان السوء |
|
حتّى إذا أفاق أفاقوا (١) |
أي في زمان السوء (إِنَّ هذا لَرِزْقُنا ما لَهُ مِنْ نَفادٍ) هلاك وفناء (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ) الكافرين (لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها) يدخلونها (فَبِئْسَ الْمِهادُ * هذا) أيّ هذا العذاب (فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ).
قال الفراء : رفعت الحميم والغساق بـ (هذا) مقدما ومؤخرا ، والمعنى هذا حميم وغساق فليذوقوه ، وإن شئت جعلته مستأنفا وجعلت الكلام فيه مكتفيا كاملا قلت : هذا فليذوقوه ثم قلت منه حميم وغساق.
كقول الشاعر :
حتّى إذا ما أضاء الصبح في غلس |
|
وغودر البقل ملوي ومحصود (٢) |
واختلف القراء في قوله : (وَغَسَّاقٌ) ، فشددها يحيى بن وثاب وحمزة والكسائي وخلف وحفص وهي قراءة أصحاب عبد الله ، وخففها الآخرون.
قال الفراء : من شدد جعله اسما على فعّال نحو الخبّاز والطبّاخ. ومن خفف [جعله] اسما على فعال نحو العذاب.
واختلف المفسرون فيه :
فقال ابن عبّاس : هو الزمهرير يحرقهم ببرده كما تحرقهم النار.
وقال مجاهد ومقاتل : هو [الثلج] البارد الذي قد انتهى برده ، أي يريد هو المبين بلغة الطحارية وقد بلغه النزل.
محمّد بن كعب : هو عصارة أهل النار.
قتادة والأخفش : هو ما يغسق من قروح الكفرة والزناة بين لحومهم وجلودهم ، أيّ تسيل.
قال الشاعر :
إذا ما تذكرت الحياة وطيبها |
|
وإلي جرى دمع من العين غاسق (٣) |
(وَآخَرُ) قرأ أهل البصرة ومجاهد : (وأخر) بضم الألف على جمع أخرى ، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ، لأنه نعته بالجمع فقال : أرواح مثل الكبرى والكبر.
وقرأ غيرهم : على الواحد (وَآخَرُ).
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٥ / ٢٢٠ ، لسان العرب : ١٠ / ٣١٧.
(٢) جامع البيان للطبري : ٢٣ / ٢١٠.
(٣) تفسير القرطبي : ١٥ / ٢٢٢.