ما قاله السدي
، بإسناده : إن أحدهما لما قال : (إِنَّ هذا أَخِي) الآية فقال داود للآخر : ما تقول؟ فقال إن لي تسعا
وتسعين نعجة ، ولأخي هذا نعجة واحدة ، وأنا أريد ان آخذها منه فأكمل نعاجي مائة.
قال : وهو كاره.
قال : إذا لا
ندعك وذلك ، وإن رمت ذلك ضربنا منك هذا وهذا وهذا يعني طرف الأنف وأصله الجبهة.
فقال : يا داود
أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا ، حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لأوريا إلّا
امرأة واحدة ، فلم تزل به تعرضه للقتل حتّى قتل وتزوجت امرأته.
قال : فنظر
داود فلم ير أحدا ، فعرف ما قد وقع فيه ، فذلك قوله سبحانه : (وَظَنَ) وأيقن (داوُدُ أَنَّما
فَتَنَّاهُ) ابتليناه.
قال سعيد بن
جبير : إنما كانت فتنة داود النظر.
قلت : ولم
يتعمد داود النظر إلى المرأة ، ولكنه أعاد النظر إليها فصارت عليه.
فهذه أقاويل
السلف من أهل التفسير في قصة امتحان داود.
وقد روى عن
الحرث الأعور عن علي بن أبي طالب رضياللهعنه أنه قال : من حدّث بحديث داود على ما روته القصاص
معتقدا صحته جلدته حدّين لعظيم ما ارتكب وجليل ما احتقب من الوزر والإثم ، برمي من
قد رفع الله سبحانه وتعالى محله ، وأبانه رحمة للعالمين وحجة للمهتدين.
فقال القائلون
بتنزيه المرسلين في هذه القصة : إن ذنب داود لما كان أنه تمنى أن تكون له امرأة
أوريا حلالا له وحدث نفسه بذنب ، واتفق غزو أوريا وتقدمه في الحرب وهلاكه ، فلما
بلغه قتله لم يجزع عليه ولم يتوجع له ، كما جزع على غيره من جنده إذا هلك ، ثم
تزوج امرأته ، فعاتبه الله سبحانه على ذلك ، لأن ذنوب الأنبياء وإن صغرت فهي عظيمة
عند الله سبحانه وتعالى.
وقال بعضهم :
كان ذنب داود أن أوريا كان قد خطب تلك المرأة ووطّن نفسه عليها ، فلما غاب في
غزاته خطبها داود فزوجت منه لجلالته ، فاغتم لذلك أوريا غما شديدا ، فعاتبه الله
تعالى على ذلك حيث لم تزل هذه الواحدة لخاطبها الأول ، وقد كانت عنده تسع وتسعون
امرأة.
وممّا يصدق ما
ذكرنا [ما] قيل عن المفسرين المتقدمين ، ما أخبرني عقيل بن محمّد بن أحمد الفقيه :
أن المعافي بن زكريا القاضي ببغداد أحمد بن زكريا أخبره عن محمّد بن جرير قال :
حدثني يونس بن عبد الأعلى قال : أخبرني ابن وهب قال : أخبرني ابن لهيعة عن أبي صخر
__________________