كلّ سنة أو سنة واحدة ، ويأمرون غير من ذكر بقصد الإقامة في بيته ووطنه ، ويجرون عليه أحكام ناوي الإقامة.
ولو لم يقصدوا إقامة يوجبون عليه القصر والإفطار إلى أن ينقضي ثلاثون يوما ، ولا يتأمّلون في أنّ القصر والإفطار لا يجوزان إلّا لمن ثبت أنّه مسافر وغير حاضر.
مع أنّ الأعراب مع كونهم يدورون ولا يسكنون ، بل ظاعنون ، ومع ذلك حكم الشارع بوجوب الصوم والإتمام عليهم ، من جهة أنّ بيوتهم معهم ، وهم في منازلهم ، أو معهم المنازل ، فكيف يكون الساكن المطمئنّ الذي هو في بيته أو منزله معه يفطر ويقصّر؟ مع عدم تحرّك بيته ومنزله وعدم تحرّك نفسه ، وإنّما تعرّضنا لما ذكرنا وطوّلنا الكلام تنبيها للغافل ، وتعليما للجاهل العامل بما يفهمه من كتب الفقهاء.
لا يقال : لعلّ المصنّف رحمهالله لا يقول باعتبار الملك.
لأنّا نقول : ليس المراد الاعتراض ، بل لمّا رأيت الاتّفاق على اعتبار الملك واستيطان ستّة أشهر ـ وإن اختلفوا في اعتبار كونه منزلا ، وفي اتّصال ذلك الاستيطان ، وفي دوامه كلّ سنة (١) ، وفي أنّه هل يلحق بالملك ما لو اتّخذ البلد دار إقامة على الدوام أم لا؟ ـ شرعت في تحقيق الحال في الكلّ.
مع أنّ «المفاتيح» مختصر «المدارك» و «المسالك» ، وفي «المدارك» أظهر الاتّفاق على اعتبار دوام الملك (٢) ، فلو كان المصنّف مخالفا لأظهر وأنكر عليهم وأصرّ ، كما هو دأبه.
__________________
(١) في (ف) و (ط) : ستّة أشهر.
(٢) مدارك الأحكام : ٤ / ٤٤٤.